1129 ص: وقد روي عن أنس بن مالك وأبي مسعود -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه السلام- كان يعجلها في الشتاء ويؤخرها في الصيف:
حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا عبد الله بن صالح ، قال: حدثني الليث ، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أسامة بن زيد ، عن محمد بن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، قال: أخبرني بشير بن أبي مسعود ، عن أبي مسعود : "أنه رأى النبي -عليه السلام- يصلي الظهر حين تزيغ الشمس، وربما أخرها في شدة الحر " .
حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا المقدمي ، قال: ثنا حرمي بن عمارة ، قال: ثنا أبو خلدة ، قال: ثنا أنس بن مالك ، قال: " كان رسول الله -عليه السلام- إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة " .
وحدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا بشر بن ثابت ، قال: ثنا أبو خلدة ، عن أنس بن مالك قال: "كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بالشتاء بكر بالظهر، وإذا كان بالصيف أبرد بها" .
قال أبو جعفر - رحمه الله -: هكذا السنة عندنا في صلاة الظهر على ما ذكر أبو مسعود وأنس -رضي الله عنهما- من صلاة رسول الله -عليه السلام-، وليس فيما قدمنا ذكره في الفصل الأول ما يجب به خلاف شيء من هذا؛ لأن حديث أسامة وعائشة وخباب وأبي برزة -رضي الله عنهم- كلهم عندنا منسوخة بحديث المغيرة الذي رويناه في الفصل الأخير.
وأما حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في صلاة الظهر حين زالت الشمس وحلفه أن ذلك وقتها، فليس في ذلك الحديث أن ذلك كان منه في الصيف ولا أنه كان منه في [ ص: 460 ] الشتاء، ولا دلالة في ذلك على خلاف غيره، وهذا أنس بن مالك فقد روى عنه الزهري أن رسول الله -عليه السلام- صلى الظهر حين زالت الشمس ثم جاء أبو خلدة ففسر عنه أنه كان يصليها في الشتاء معجلا وفي الصيف مؤخرا ، واحتمل ما روى ابن مسعود ، وهو كذلك أيضا.


