الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1007 ص: وقد روي عن جابر بن عبد الله خلاف ذلك كله وأن ذلك القول لم يكن من النبي -عليه السلام- لحال الصلاة، وإنما كان لحال أخرى.

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد بن موسى ، قال: ثنا عبد الله بن لهيعة ، قال: ثنا أبو الزبير قال: "سألت جابرا -رضي الله عنه- أقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لولا شيء لأمرت رجلا يصلي بالناس ثم لحرقت بيوتا على ما فيها ؟ قال جابر -رضي الله عنه-: إنما قال ذلك من أجل رجل بلغه عنه شيء، فقال: لئن لم ينته لأحرقن عليه بيته على ما فيه" .

                                                [ ص: 305 ] فهذا جابر -رضي الله عنه- يخبر أن ذلك القول من النبي -عليه السلام- إنما كان للمتخلف عما لا ينبغي التخلف [عنه] فليس في هذا ولا شيء مما تقدمه الدليل على الصلاة الوسطى ما هي.

                                                قال أبو جعفر - رحمه الله -: فلما انتفى بما (ذكره) أن يكون فيما روينا عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في شيء من ذلك دليل؛ رجعنا إلى ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- فإذا ليس فيه حكايته عن النبي -عليه السلام-، وإنما هو من قوله؛ لأنه قال: "هي الصلاة التي وجه فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الكعبة " .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خلاف ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- من أن حديث التحريق لأجل الجمعة، وخلاف ما روي عن أبي هريرة من أنه لأجل صلاة العشاء الآخرة، بيان ذلك: أن جابرا -رضي الله عنه- سئل عن حديث التحريق، فقال: لم يكن ذلك من النبي -عليه السلام- لأجل حال الصلاة، وإنما كان ذلك لأجل رجل بلغ النبي -عليه السلام- عنه شيء أوجب ذلك، فحينئذ لم يكن فيما روي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- الذي مضى ذكره في أول الباب دليل على كون الصلاة الوسطى ما هي؟ فإذا كان كذلك يرجع إلى ما روي عن عبد الله بن عمر وهو قوله: "إنا كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله -عليه السلام- إلى الكعبة " ، وهو أيضا لا يدل على شيء من ذلك؛ لأنه ليس فيه حكايته عن النبي -عليه السلام-، وإنما هو إخبار عن قوله؛ لأنه قال من قوله: "إنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله -عليه السلام- إلى الكعبة " فحينئذ لم يتم الدليل على مدعى من يدعي أن الصلاة الوسطى هي الظهر. محتجا بما روي عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-.

                                                ورجال حديث جابر ثقات، غير أن في عبد الله بن لهيعة مقالا، على أن أحمد قد وثقه ومال إليه الطحاوي أيضا، وأبو الزبير اسمه محمد بن مسلم المكي .

                                                وهذا قد أخرجه أسد السنة في "مسنده".

                                                [ ص: 306 ] قوله: "أقال" الهمزة فيه للاستفهام، و: "اللام" في "لأمرت" للتأكيد فلذلك مفتوحة، وكذا في قوله: "لحرقت" وهو بتشديد الراء، من التحريق، وقوله: "لأحرقن" بضم الهمزة من الإحراق وبنون التأكيد الثقيلة.




                                                الخدمات العلمية