1150 [ ص: 484 ] ص: فإن قال قائل: فقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- ما يدل على التعجيل بها؛ فذكر ما قد حدثنا يونس ، عن ابن وهب ، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : "أن رسول الله -عليه السلام- كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر" .
وما حدثنا ابن خزيمة ، قال: ثنا ابن المنهال ، قال: ثنا سفيان ، عن الزهري ، سمع عروة يحدث، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كان النبي -عليه السلام- يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتين" .
قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك كذلك، وقد أخر العصر لقصر حجرتها، فلم تكن الشمس تنقطع منها إلا بقرب غروبها، فلا دلالة في هذا الحديث على تعجيل العصر.
وذكروا في ذلك أيضا ما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال: ثنا شعبة (ح).
وما حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا سعد بن عامر ، قال: ثنا شعبة ، عن سيار بن سلامة ، قال: "دخلت مع أبي على أبي برزة -رضي الله عنه- فقال: "كان رسول الله -عليه السلام- يصلي العصر، فيرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية" .
قيل له: قد مضى جوابنا في هذا فيما تقدم من هذا الباب، فلم نجد في هذه الآثار لما صححت وجمعت ما يدل إلا على تأخير العصر، ولم نجد شيئا منها يدل على تعجيلها إلا ما قد عارضه غيره فاستحببنا بذلك تأخير العصر ، إلا أنها تصلى والشمس بيضاء، في وقت يبقى بعده من وقتها مدة قبل تغيب الشمس، ولو خلينا والنظر لكان تعجيل الصلوات كلها في أوائل أوقاتها أفضل، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله -عليه السلام- مما تواترت به الآثار أولى.


