وروي أنه انصرف الناس ذات يوم من مجلس  ابن عباس  وبقي شاب لم يبرح فقال له  ابن عباس   : هل لك من حاجة ؟ قال : نعم . أردت أن أسأل مسألة فاستحييت من الناس وأنا الآن أهابك وأجلك فقال  ابن عباس   : إن العالم بمنزلة الوالد فما كنت أفضيت به إلى أبيك فأفض إلي به فقال إني شاب لا زوجة لي وربما خشيت العنت على نفسي فربما استمنيت بيدي فهل في ذلك معصية ؟ فأعرض عنه  ابن عباس  ثم قال : أف وتف! نكاح الأمة خير منه وهو خير من الزنا فهذا تنبيه على أن العزب المغتلم مردد بين ثلاثة شرور أدناها نكاح الأمة وفيه إرقاق الولد وأشد منه الاستمناء باليد  وأفحشه الزنا ولم يطلق  ابن عباس  الإباحة في شيء منه لأنهما محذوران يفزع إليهما حذرا من الوقوع في محذور أشد منه كما يفزع إلى تناول الميتة حذرا من هلاك النفس ، فليس ترجيح أهون الشرين في معنى الإباحة المطلقة ولا في معنى الخير المطلق ، وليس قطع اليد المتآكلة من الخيرات وإن كان يؤذن فيه عند إشراف النفس على الهلاك فإذا في النكاح فضل من هذا الوجه ولكن هذا لا يعم الكل بل الأكثر فرب شخص فترت شهوته لكبر سن أو مرض أو غيره فينعدم هذا الباعث في حقه ويبقى ما سبق من أمر الولد . 
فإن ذلك عام إلا للممسوح وهو نادر ومن الطباع ما تغلب عليها الشهوة بحيث لا تحصنه المرأة الواحدة فيستحب لصاحبها الزيادة على الواحدة إلى .الأربع فإن يسر الله له مودة ورحمة واطمأن قلبه بهن وإلا فيستحب له الاستبدال فقد نكح  علي  رضي الله عنه بعد وفاة  فاطمة عليها السلام  بسبع ليال ويقال : إن  الحسن بن علي  كان منكاحا حتى نكح زيادة على مائتي امرأة وكان ربما عقد على أربع في وقت واحد ، وربما طلق أربعا في وقت واحد واستبدل بهن وقد قال صلى الله عليه وسلم للحسن أشبهت خلقي وخلقي . 
وقال صلى الله عليه وسلم :  " حسن مني وحسين من علي فقال : إن كثرة نكاحه أحد ما أشبه به خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوج  المغيرة بن شعبة  بثمانين امرأة وكان في الصحابة  من له الثلاث والأربع ومن كان له اثنتان لا يحصى ومهما كان الباعث معلوما فينبغي أن يكون العلاج بقدر العلة ، فالمراد تسكين النفس فلينظر إليه في الكثرة والقلة . 
الفائدة الثالثة : ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر والملاعبة  إراحة للقلب وتقوية له على العبادة فإن النفس ملول وهي عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وثابت وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قويت ونشطت وفي الاستئناس بالنساء من الاستراحة ما يزيل الكرب ويروح القلب وينبغي أن يكون لنفوس المتقين استراحات بالمباحات ولذلك قال الله تعالى : ليسكن إليها  وقال  علي  رضي الله عنه : روحوا القلوب ساعة فإنها إذا أكرهت عميت . 
وفي الخبر " على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها مطعمه ومشربه ، فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات . 
" ومثله بلفظ آخر : لا يكون العاقل ظاعنا إلا في ثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم . 
وقال صلى الله عليه وسلم :  " لكل عامل شرة ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى . 
     	
		
				
						
						
