[ ص: 82 ] مسألة : قال  الشافعي ،   رضي الله عنه : ( وفي قوله صلى الله عليه وسلم  فإنما الولاء لمن أعتق     . دليل أنه  لا ولاء إلا لمعتق      ) قال  الماوردي      : ومراد  الشافعي   بهذا ثلاثة أمور :  
أحدها : إثبات الولاء لكل معتق في واجب وتطوع ، بقول وفعل ، كعتق أم الولد ؛ لأنه عتق زال به الرق وثبت به الولاء ، فكان مع اختلاف الأسباب على سواء .  
والثاني : أنه لا ينتقل الولاء عن المعتق ببيع ، ولا هبة ، ولا وصية ، وقد شذ فيه خلاف ، ورد بنص لا يدفع .  
والثالث : أنه لا ولاء على من لم يعتق من رق ، ردا على من خالف في ثلاثة أثبت عليهم الولاء ، وإن لم يعتقوا :  
أحدها : إثبات الولاء بالتحالف على التناصر ، والتوارث ، والعقل ، فلا حكم لثبوت الولاية في توارث ، ولا عقل ، وإن كان التحالف على التناصر والتعاضد حسنا ، كحلف المطيبين .  
قال  الشافعي      : لو كان مثله في الإسلام لم أمنع منه .  
قال  إبراهيم النخعي      : ينعقد به الولاء في التوارث والعقل ، وليس لواحد من المتحالفين فسخه بعد العقد .  
وقال  أبو حنيفة      : إن عرفت أنساب المتحالفين لم يثبت بالتحالف ، ولا يستحق به التوارث والعقل ، وإن جهلت أنسابهم ثبت به الولاء في استحقاق التوارث والعقل ، وكان لكل واحد منهما فسخه ما لم يعقل عنه ، فإن عقل لزم ، ولم يصح الفسخ احتجاجا بقول الله تعالى :  والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم      ( النساء : 33 ) ولأن ما لا يتعين وارثه من المال جاز للموروث أن يمنعه حيث شاء كالوصايا .  
ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما  الولاء لمن أعتق     . وقوله : " إنما " ، موضوع في اللغة لإثبات ما اتصل به ، ونفي ما انفصل عنه ، كقوله تعالى :  إنما الله إله واحد سبحانه      ( النساء : 171 ) فكان فيه إثبات الإلهية لله ، ونفي إلهية غيره ، فدل إثبات الولاء للمعتق على نفيه عن غير المعتق ، ولأن  التوارث مستحق بالنسب والولاء ،   فلما لم يثبت بعقد التحالف نسب لم يثبت به ولاء ، ولأن كل سبب لا يورث به مع وجود النسب بحال لم يورث به مع عدم النسب في حال كالرضاع ، ولأن كل من كان لماله جهة ينتقل إليها بوفاته لم يملك نقله بعقد ولاية كالتحالف مع وجود المولى .  
فأما الآية ، فعنها جوابان :  
 [ ص: 83 ] أحدهما : ما قاله  ابن عباس   أنها كانت ثابتة في صدر الإسلام ، ثم نسخت بقوله تعالى :  وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض   ، ( الأنفال : 75 ) .  
والثاني :  ما رواه  داود بن الحصين   قال : قرأت القرآن على  أم سعد بن الربيع ،  فلما انتهيت إلى قوله :  والذين عقدت أيمانكم   ، ( النساء : 33 ) ، قالت : اقرأ : والذين عقدت أيمانكم   ، ( النساء : 33 ) ، فإن هذه الآية نزلت في  أبي بكر الصديق   حيث حلف : لا يورث ولده  عبد الرحمن   فنزل قوله :  والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم   ، ( النساء : 33 ) ، أي لا تمنعوهم ، وإن كنتم قد حلفتم ألا تورثوهم ، فكان محمولا على هذا السبب .  
وأما الجواب عن قياسه على الوصايا ، فهو أن الوصايا تقف على خيار الموصي مع وجود النسب من غير حلف ، فخالف ما لا يصح مع النسب ، ولا ينعقد إلا بحلف .  
				
						
						
