فصل 
المرأة الحامل  لا يقتص منها في نفس ولا طرف ، ولا تحد للقذف ، ولا في حدود الله تعالى قبل الوضع ، سواء الحامل من زنى أو غيره ، وسواء وجبت العقوبة قبل الحمل أم بعده ، حتى إن المرتدة لو حبلت من زنى بعد الردة  ، لا تقتل حتى تضع . 
وإذا وضعت لا تستوفى العقوبة حتى تسقي الولد اللبن ، ومال القاضي  أبو الطيب  إلى أنها لا تمهل لإرضاعه اللبن ، لأنه قد يعيش دونه ، والصحيح الأول ، وبه قطع الجمهور ، لأن الغالب أنه لا يعيش بدونه مع أنه تأخير يسير ، ثم إذا أرضعته اللبن ، فإن لم يكن هناك من يرضعه ، ولا ما يعيش به الولد من لبن بهيمة وغيره ، فوجهان . 
قال ابن خيران : يقتص منها ، ولا يبالى بالطفل ، والصحيح الذي عليه الجمهور : أنه يجب التأخير إلى أن توجد مرضعة أو ما يعيش به ، أو ترضعه هي حولين وتفطمه ، لأنه إذا وجب تأخير العقوبة احتياطا للحمل ، فوجوبه بعد وجود الولد ، وتيقن   [ ص: 226 ] حياته أولى ، فلو بادر مستحق القصاص والحالة هذه فقتلها ، فمات الطفل ، فالصحيح أنه قاتل للطفل عمدا ، فيلزمه قوده . 
كما لو حبس رجلا في بيت ومنعه الطعام ، وبهذا قطع الشيخ  أبو حامد  ، ونقله   ابن كج  عن النص ، وعن  الماسرجسي  قال : سمعت   ابن أبي هريرة  يقول : عليه دية الولد ، فقلت له : أليس لو غصب طعام رجل في البادية أو كسوته ، فمات جوعا أو بردا ، لا ضمان عليه ، فتوقف ، فلما عاد إلى الدرس قال : لا ضمان فيهما . 
أما إذا أمكن تربية الولد بمراضع يتناوبن عليه ، أو بلبن شاة ونحوه ، ولم توجد مرضعة راتبة ، فيستحب للمستحق أن يصبر لترضعه هي لئلا يفسد خلقه ونشوؤه بالألبان المختلفة ولبن البهيمة ، فإن لم يصبر وطلب القصاص ، أجيب إليه ، ولو وجدت مرضعة راتبة  ، فله الاقتصاص في الحال ، ولو وجد مراضع وامتنعن ، أجبر الحاكم من يرى منهن بالأجرة . 
والجلد في القذف كالقصاص ، وأما الرجم وسائر حدود الله تعالى  ، فلا تستوفى وإن وجدت مرضعة ، بل ترضعه هي ، وإذا انقضى الإرضاع لم يستوف أيضا حتى يوجد للطفل كافل ، والفرق بين الحدود والقصاص أنها على المساهلة كما سبق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					