الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الخصلة الثالثة : الولادة ، فلا قصاص على والد يقتل ولده ، والأم كالأب وكذلك الأجداد والجدات وإن علوا من قبل الأب والأم جميعا ، وحكى ابن القاص وابن سلمة قولا في الأجداد والجدات ، [ ص: 152 ] وهو شاذ منكر ، قال الإمام : هذا لا يقبله الأصحاب منصوصا ولا مخرجا ، ولو حكم قاض بقتل الوالد بولده ، قال ابن كج : ينقض حكمه ، وليكن هذا فيما يوافقنا فيه مالك رحمه الله .

                                                                                                                                                                        فإنه روي عنه أنه إن أضجعه وذبحه ، فعليه القصاص ، وإن حذفه بالسيف ، فلا ، لاحتمال قصده التأديب ، وعندنا : لا فرق .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        يقتل الولد بالوالد ، وكذا سائر المحارم بعضهم ببعض .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        قتل الأب الرقيق عبد ابنه ، فلا قصاص ، لأن قصاصه لابنه ، ولو قتل الابن الرقيق عبد أبيه ، فللأب القصاص .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        لو قتل من يرثه ولد القاتل ، لم يجب القصاص ، مثاله : قتل زوجة ابنه ، أو زوجته وله منها ولد ، أو قتلت أم الولد سيدها وله منها ولد ، ولو ثبت عليه قصاص ، فورث ولده القصاص ، أو بعضه ، بأن قتل أبا زوجته ، ثم ماتت الزوجة ، ولها منه ولد ، أو قتل ابن عتيق ولده ثم مات العتيق وورثه الولد ، فلا قصاص .

                                                                                                                                                                        وكذا لو ورث القاتل القصاص ، بأن قتل أحد الابنين أباه ، ثم مات الابن الآخر ، فورثه القاتل .

                                                                                                                                                                        فرع .

                                                                                                                                                                        تداعى رجلان مولودا مجهولا ، ثم قتله أحدهما ، أو قتلاه ، فلا قصاص في الحال ، فإن ألحقه القائف بأحدهما ، وكانا مشتركين في [ ص: 153 ] القتل ، فلا قصاص على الذي ألحق به ، ويقتص من الآخر ، وحكى ابن كج وجها شاذا أنه لا يقتص من الآخر ، لأن إلحاق القائف مبني على الأشباه ، وهو ضعيف ، فلا يرتب عليه القصاص الذي يسقط بالشبهات .

                                                                                                                                                                        وإن كان القاتل أحدهما ، فألحقه بالآخر ، اقتص منه ، وكذا لو ألحقه بغيرهما ، ويعود فيه وجه ابن كج ، وإن رجعا عن الدعوة ، لم يقبل رجوعهما ، لأنه صار ابنا لأحدهما ، وفي رجوعه إبطال حق الولد .

                                                                                                                                                                        وإن رجع أحدهما ، وأصر الآخر ، فهو ابن الآخر ، فيقتص من الراجع إن اشتركا في قتله ، أو إن انفرد هو بقتله ، هذا إذا لحق المولود أحدهما بالدعوة ، أما إذا لحق بالفراش ، بأن نكحت معتدة وأتت بولد يمكن كونه من الأول ومن الثاني ، أو فرض وطء شبهة ، فإنما يتعين أحدهما بإلحاق القائف ، أو بانتساب المولود بعد بلوغه ، فلو نفاه أحدهما ، فهل يتعين للثاني ، أم يبقى الإبهام حتى يعرض على القائف ، أو ينتسب ؟ قولان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما : ثانيهما ، فإذا ألحقه القائف بأحدهما ، اقتص من الآخر إن انفرد بقتله ، أو شارك فيه ، وإن ألحقه بأحدهما ، أو انتسب بعد البلوغ ، فقتله الذي لحقه ، لم يقتص منه ، فإن أقام الآخر بينة بنسبه ، لحقه واقتص من الأول .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية