فصل 
نزل العلماء النطق في اللسان منزلة البطش في اليد والرجل ، فقالوا : إذا استأصل لسانه بالقطع وأبطل كلامه  ، لم يلزمه إلا دية واحدة ، ولو قطع عذبة اللسان ، وبطل الكلام  ؛ فكذلك ، كما لو قطع أصبعا من اليد فشلت . 
ولو قطع بعض اللسان ؛ فذهب بعض الكلام  ؛ نظر ، إن تساوت نسبة جرم اللسان والكلام ، بأن قطع نصف لسانه ، فذهب نصف كلامه ، وجب نصف الدية ، وإن اختلفت بأن قطع الربع فذهب نصف الكلام أو عكسه ، وجب نصف الدية قطعا ، واختلفوا في علته . 
فقال الجمهور : اللسان مضمون بالدية ومنفعته أيضا كذلك ، فوجب أكثرهما . 
وقال  أبو إسحاق     : الاعتبار بالجرم ، لأنه الأصل وفيه تقع الجناية ، قال : وإنما وجب نصف الدية في قطع ربعه إذا ذهب نصف الكلام ، لأنه قطع ربعا ، وأشل ربعا ، وتظهر فائدة الخلاف في صور . 
إحداها : قطع نصفه ، فذهب ربع الكلام ، واستأصل آخر الباقي  ؛ فعلى قول الأكثرين يلزم الثاني ثلاثة أرباع الدية ، وعلى قول  أبي إسحاق  نصفها . 
الثانية : قطع ربعه ، فذهب نصف الكلام ، واستأصله آخر  ، فعند الأكثرين يلزم الثاني ثلاثة أرباع الدية ، وعند أبي إسحاق نصف الدية وحكومة ؛ لأنه قطع نصفا صحيحا وربعا أشل . 
الثالثة : ذهب نصف الكلام بجناية على اللسان من غير قطع منه ، ثم قطعه آخر  ، فيلزم الثاني عند الأكثرين دية كاملة ، وعنده نصفها وحكومة ، لأن نصف اللسان صحيح ونصفه أشل لذهاب نصف الكلام . 
 [ ص: 300 ] فرع 
رجلان قطع من أحدهما نصف لسانه وذهب ربع كلامه ، ومن الآخر نصف لسانه وذهب نصف كلامه ، فقطع الأول النصف الباقي من الثاني  ، لا يقتص منه ، وإن أجرينا القصاص في بعض اللسان لنقص المجني عليه . 
فرع 
قطع نصف لسانه ؛ فذهب نصف كلامه ، فاقتص من الجاني ، فلم يذهب إلا ربع كلامه  ، فللمجني عليه ربع الدية ليتم حقه ، وإن ذهب من المقتص منه ثلاثة أرباع كلامه ، فلا شيء على المجني عليه ، لأن سراية القود مهدرة . 
فرع 
عود الكلام بعد أخذ الدية ، كعود السمع    . 
فرع 
من لا يتكلم بحرف إذا ضرب لسانه فنطق بذلك الحرف وفات حرف آخر  ، يجب قسط الفائت ولا ينجبر ، وهل يوزع على الحروف وفيها الحرف المستفاد أم عليها قبل الجناية  ؟ قال الإمام : هذا موضع نظر ، ولك أن تقول : ليبن على الخلاف فيمن يحسن بعض الحروف وله كلام مفهوم إذا أبطل بالجناية بعض ما يحسنه ، هل التوزيع على ما يحسنه أم على الجميع ؟ فإن قلنا بالثاني ، دخل المستفاد ، وإلا فلا . 
فرع 
في لسانه عجلة واضطراب ، فضرب فاستقام  ؛ فلا شيء على الضارب . 
 [ ص: 301 ] فرع قطع بعض لسانه ، ولم يبطل به شيء من كلامه ، هل تجب الحكومة أم قسط المقطوع من الدية ؟  وجهان ، أصحهما : الحكومة ، إذ لو وجب القسط للزم إيجاب الدية الكاملة في لسان الأخرس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					