الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا صالح من دم عمد على دار على أن يرد عليه صاحب الدم ألف درهم ، فلا شفعة في الدار في قول أبي حنيفة ; لأن الأصل فيه الصلح وما يقابل من دم العمد بالدار لا يستحق بالشفعة فكذلك ما يتبعه وعند أبي يوسف ومحمد يأخذ منها جزءا من أحد عشر جزء بألف درهم ; لأن الدار [ ص: 146 ] تقسم على الألف وعلى دم العمد وقيمة الدية ، ألا ترى أنه إذا تعذر استيفاء القود يجب المصير إلى الدية ، والدية عشرة آلاف ، فإذا جعلت كل ألف جزءا كانت حصة الدم من الدار عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا ، وحصة الألف : جزءا من أحد عشر جزءا فيأخذ الشفيع ذلك بالشفعة ، وكذلك الصلح من شجاج العمد التي فيها القود ، وإن صالحه من موضحتين إحداهما عمد ، والأخرى خطأ على دار ، فلا شفعة فيها في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد يأخذ الشفيع نصفها بخمسمائة ; لأن موجب موضحة الخطأ خمسمائة درهم وموجب العمد القود ، فإذا صالح عنهما على دار كان نصفها بدلا عن القود ونصفها بدلا عن الخمسمائة ، وأبو حنيفة يقول : المقصود بهذا الصلح القود ; لأن المال لا يعارض النفس ألا ترى أن موجب موضحة العمد وهو القود على صاحب الدار خاصة ، وأن موجب الخطأ عليه وعلى عواقله وإذا لم تجب الشفعة فيما هو الأصل لا تجب في البيع أيضا إما ; لأنه صار شريكا بما هو الأصل ، أو قياسا على المضارب إذا باع دارا من مال المضاربة ورب المال شفيعها بدار له وفي المال ربح ، فإنه لا يأخذ بالشفعة نصيب المضارب من الربح ; لأن الشفعة لم تجب له فيما هو الأصل باعتبار أن البيع كان له ، فلا تجب الشفعة في البيع أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية