الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويستحب السواك عند كل صلاة وعند كل وضوء وإن لم يصل عقيبه وعند تغير النكهة بالنوم أو طول الأزم أو أكل ما تكره رائحته .

التالي السابق


(ويستحب السواك عند كل صلاة) أي عند إرادة القيام إليها، كما مر من حديث الشيخين: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أي أمر إيجاب (وعند كل وضوء) لما تقدم من حديث: [ ص: 351 ] لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء أي أمر إيجاب، فبقي الأمر على الاستحباب والسنية، وحكي عن داود وإسحاق وجوبه، لكن نقل عن إسحاق أن تركه عمدا يبطل الصلاة، والمشهور عن داود أنه سنة، وكذا لابن حزم، وزاد إلا يوم الجمعة، فإنه فرض لازم، وغلط ابن أبي الدم في كتاب الانتصار القول المحكي عن إسحاق بأنه شرط في صحة الصلاة، وفي بعض نسخ الحلية للشاشي أن أبا إسحاق قال بذلك، ولعله تصحف بإسحاق (وإن لم يصل عقبه) أي في الحال، واستدل صاحب الهداية من أصحابنا على سنيته بأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب عليه، واعترض عليه بأن المواظبة تفيد الوجوب لا السنية، وأجيب بأن المختار أنها لا تفيده، لكنه مقيد بعدم العارض، وهو قوله عليه السلام: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء، ولو وجب لأمرهم شق عليهم أو لا، ومن ثم قال شارح الكنز: الأصح أنه مستحب; لأنه ليس من خصائص الوضوء، وفي فتح القدير، وهو الحق، ويوافقه ما في المقدمة الغزنوية: يستحب في خمسة مواضع القيام إلى الصلاة، وعند الوضوء (وعند تغير النكهة) على وزن تمرة اسم من نكه عليه وله نكها ونكهه إذا تنفس على أنفه ليشتم ريح فمه (بالنوم) أي ذلك التغير قد يكون بالنوم (أو) ذلك التغير من (طول لازم) بفتح فسكون؛ السكوت الطويل أو من ترك الأكل (أو) من (أكل ما تكره رائحته) كالبصل والثوم أو غيرهما من الخبائث، وكذلك يستحب عند إرادة الجماع وأول ما يدخل المنزل، وعند قراءة القرآن تعظيما له، وفي كل حال إلا للصائم بعد الزوال فيكره خلافا لأبي حنيفة ومالك وأحمد، قال النووي: ولنا قول غريب: إنه لا يكره السواك للصائم بعد الزوال، فهذه المواضع كلها مما يستحب فيها السواك ويطرد فيه الاستحباب، لكنه آكد في مواضع منها عند الصلاة، وإن كان على الطهارة سواء كان متغير الفم أو لم يكن، ولم يذكر المصنف بقية خصال السواك، وقد روي عن ابن عباس فيه عشر خصال يذهب الحفر، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويطيب الفم، وينقي البلغم، وتفرح له الملائكة، ويرضي الرب تعالى، ويوافق السنة، ويزيد في حسنات الصلاة، ويصحح الجسم، وزاد غيره: ويزيد الحفظ، وينبت الشعر، ويصفي اللون، وزاد شيخ مشايخنا السيد موسى بن أسعد المحاسني الحنفي الدمشقي في شرح منظومة السواك له خصالا في السواك غير ما ذكر منها أنه يورث الغنى مع الإدمان عليه، ويطرد وساوس الشيطان، ويفصح اللسان، ويهضم الطعام، ويعزز المني، ويبطئ الشيب، ويشد الظهر، ويؤنس في اللحد، ويوسع له في قبره، ويزيد في العقل، ويذكر الشهادة عند الموت، ويسهل خروج الروح من البدن، ويذهب الجوع، وينور الوجه، ويسكن الصداع، ويقطع الرطوبات، وقد نظم بعض الفضلاء أكثر تلك الصفات في أبيات فقال:

فوائد السواك عشرون تحب مطهرة للفم مرضاة لرب يفرح أملاكا يغيظ الشيطان
يطيب نكهة جلاء الأسنان يحد أبصارا وتؤتى السنة
يحسن الصوت يزكي الفطنة يشد لحم ميت الأسنان
يزيد في فصاحة اللسان يذكر الميت بالشهادة
ينمي لمن اعتاده إعداده يبطئ الشيب يزيد الأجرا
يسهل النزع يقوي الظهرا يزيد في العقل على المعتاد
وقاطع رطوبة الأجساد

اهـ .

وفي تاريخ داريا لعبد الصمد الخولاني عن أنس رضي الله عنه رفعه: عليكم بالسواك فنعم الشيء السواك يذهب الحفر وينزع البلغم، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويذهب بالبخر، ويصلح المعدة، ويزيد في درجات الجنة، ويحمد الملائكة، ويرضي الرب، ويغضب الشيطان .

قال الترمذي الحكيم : وليبلع ريقه في أول استياكه، فإنه ينفع من الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ولا يبلع بعد شيئا، فإنه يورث النسيان .

(تنبيه)

لم يذكر المصنف دعاء السواك وذكره الروياني في البحر فقال: ويقول عند السواك: اللهم بيض به أسناني وشد به [ ص: 352 ] لثاتي وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين .




الخدمات العلمية