الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فالذي لاح لي فيه والعلم عند الله سبحانه أنه لا بد من قلم أظفار اليد والرجل واليد أشرف من الرجل فيبدأ بها ثم اليمنى أشرف من اليسرى فيبدأ بها ثم على اليمنى خمسة أصابع والمسبحة أشرفها ؛ إذ هي المشيرة في كلمتي الشهادة من جملة الأصابع ثم بعدها ينبغي أن يبتدئ بما على يمينها إذ الشرع يستحب إدارة الطهور وغيره على اليمين وإن وضعت ظهر الكف على الأرض فالإبهام هو اليمين ، وإن وضعت بطن الكف فالوسطى هي اليمنى واليد إذا تركت بطبعها كان الكف مائلا إلى جهة الأرض ؛ إذ جهة حركة اليمين إلى اليسار واستتمام الحركة إلى اليسار يجعل ظهر الكف عاليا فما يقتضيه الطبع أولى ، ثم إذا وضعت الكف على الكف صارت الأصابع في حكم حلقة دائرة فيقتضي ترتيب الدور الذهاب عن يمين المسبحة إلى أن يعود إلى المسبحة فتقع البداءة بخنصر اليسرى والختم بإبهامها ويبقى إبهام اليمنى فيختم به التقليم .

وإنما قدرت الكف موضوعة على الكف حتى تصير الأصابع كأشخاص في حلقة ليظهر ترتيبها .

وتقدير ذلك أولى من تقدير وضع الكف على ظهر الكف أو وضع ظهر الكف على ظهر الكف ، فإن ذلك لا يقتضيه الطبع .

التالي السابق


ثم قال المصنف : (فالذي لاح لي فيه) من الحكمة (والعلم عند الله سبحانه وتعالى) انظر إلى إنصافه رحمه الله تعالى حيث قال أولا ولم أر في الكتب خبرا مرويا ثم أبدى فيه من الحكمة مع إيكال العلم إلى الله تعالى (أنه لا بد من قلم أظفار اليد والرجل ) ؛ لأنه مأمور بهما (واليد أشرف من الرجل) لا محالة (فيبدأ بها) لشرفها (ثم اليمنى أشرف من اليسرى) في اليد (فيبدأ بها) ، أي : باليمنى (ثم على اليمين خمسة أصابع والمسبحة أشرفها ؛ إذ هي المشيرة في كلمتي الشهادة من جملة الأصابع) فكان الابتداء بها أولى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير بها عند الدعاء والتشهد (ثم بعدها) ، أي : المسبحة (ينبغي أن يبتدئ بما على يمينها) وهي ما على جهة يمين الرجل (إذ الشرع يستحب إدارة الطهور وغيره على اليمين) ففي المتفق عليه من حديث عائشة كان يعجبه التيمن في تطهيره وترجله وتنعله ، وفي شأنه كله (وإن وضعت ظهر الكف) ، وفي نسخة اليد (على الأرض فالإبهام هو اليمين ، وإن وضعت ظهر الكف فالوسطى هي اليمين واليد إذا تركت بطبعها كان الكف [ ص: 412 ] مائلا إلى جهة الأرض ؛ إذ جهة حركة اليمنى إلى اليسار واستتمام الحركة إلى اليسار بجعل ظهر الكف غالبا فما يقتضيه الطبع أولى ، ثم إذا وضعت الكف على الكف صارت الأصابع في حكم حلقة دائرة فيقتضي ترتيب الدور الذهاب عن يمين المسبحة إلى أن يعود إلى المسبحة فتقع البداية بخنصر اليسرى والختم بإبهامها ويبقى إبهام اليمين) وحاصل الكلام فيه أن الغالب الذي يقص يكون يده ظهرها إلى فوق فكان الذي إلى جهة يمينه الوسطى ، ثم ما بعدها إلى الخنصر ولم يبق منها حينئذ إلا الإبهام فيختم به ، وأما اليد اليسرى فلا فضيلة فيها للمسبحة على غيرها ، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بلالا يدعو ، وهو يشير بأصبعيه المسبحة من اليمنى ونظيرها من اليسرى فقال له : أحد أحد ، أي : أشر بأصبع واحدة ولا تشر بنظيرها من اليسرى ، وإذا كان كذلك فلا وجه لتقديم المسبحة منها فلم يبق إلا البداءة بأحد طرفيها ويقص على الولاء وأما ميله إلى تقديم الخنصر فلأن اليد غالبا تقص وظهرها إلى فوق ، فإذا بدأ بخنصرها أتى بعدها بما يلي جهة يمينه ولو بدأ بالإبهام أولا لأتى بعدها بما يلي جهة شماله فكان الاعتناء بجهة اليمين أولى والله أعلم ، وقد وافقه عليه النووي في شرح مسلم ، ثم قال المصنف : (وإنما قدرت الكف موضوعة على الكف حتى تصير الأصابع كأشخاص في حلقة ليظهر ترتيبها وتقدير ذلك أولى من تقدير وضع الكف على ظهر الكف أو وضع ظهر الكف على ظهر الكف ، فإن ذلك لا يقتضيه الطبع) .




الخدمات العلمية