الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم مهما فرغ من الحمام شكر الله عز وجل على هذه النعمة .

فقد قيل : الماء الحار في الشتاء من النعيم الذي يسأل عنه .

وقال ابن عمر رضي الله عنهما : الحمام من النعيم الذي أحدثوه .

هذا من جهة الشرع .

أما من جهة الطب فقد قيل : الحمام بعد النورة أمان من الجذام وقيل : النورة في كل شهر مرة تطفئ المرة الصفراء وتنقي اللون وتزيد في الجماع .

وقيل : بولة في الحمام قائما في الشتاء أنفع من شربة دواء .

وقيل : نومة في الصيف بعد الحمام تعدل شربة دواء .

وغسل القدمين بماء بارد بعد الخروج من الحمام أمان من النقرس .

ويكره صب الماء البارد على الرأس عند الخروج وكذا شربه .

التالي السابق


(ثم مهما فرغ من الحمام شكر الله عز وجل على هذه النعمة ) حيث أذهب عنه الدرن والصنة وأعقب الترارة لجسده (فقد قيل : الماء الحار) ، أي : المسخن (في الشتاء من) جملة (النعيم الذي يسأل عنه) أشار به إلى تفسير قوله تعالى : لتسألن يومئذ عن النعيم والمشهور في التفسير مطلق النعمة والنعيم حتى الظل البارد في الصيف والشربة الباردة من النعيم وقيس عليه الماء الحار في الشتاء ، فإنه محبوب طبعا قال القاضي في تفسير الآية : هو سؤال عن القيام بحق شكره ، وقال النووي : الذي نعتقده أنه سؤال عن تعداد النعم وإعلام بالامتنان بها وإظهار لكرمه بإسباغها لا سؤال توبيخ وتقريع ومحاسبة .

(وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : ماء الحمام من النعيم الذي أحدثوه ) ، أي : ابتدعوه وفيه إشارة أنه لم يكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا كان معروفا إذ ذاك وأول من اتخذه الجن لسيدنا سليمان عليه السلام كل (هذا) الذي ذكرناه (من جهة الشرع ، أما من جهة الطب فقد) قالوا الحمام يحلل فضول [ ص: 406 ] البدن وينقي الجلد ويزيل الإعياء ويحبس الإسهال ويفتح المسام ويحلل الرياح ويذهب الجرب والحكة والبثور والدماميل والوسخ فيطيب النفس بذلك وينشرح فتضاف إلى اللذة الجسدانية اللذة النفسانية ويعدل حدة الأخلاط ويسكن الأوجاع وينفع من حمى يوم وحمى دق وحمى ربع ومواظبته بعد نضج خلطهما ويزيل السهر ويجلو ويحلل وينضج وخير الحمام ما قدم بناؤه وعذب ماؤه واتسع فناؤه والبيت الأول منه برد مرطب ، والثاني مسخن مرطب والثالث مسخن مجفف (وقيل : الحمام بعد النورة أمان من الجذام) المرض المشهور هكذا في نسخ الكتاب ونص القوت والحناء بعد النورة يقال : إنه أمان من الجذام فتأمل ذلك (وقيل : النورة في كل شهر مرة) واحدة (تطفئ الحرارة وتنقي اللون وتزيد في الجماع) هكذا نقله صاحب القوت عن بعض أطباء العرب والنورة بالضم حجر الكلس ، ثم غلبت على أخلاط تضاف مع الكلس من زرنيخ وغيره ويستعمل لإزالة الشعر وتنور أطلي بالنورة وقالوا : الرجل إذا استعمل النورة فليجامع ثالث يوم حتى تعود قوته والمرأة ليومها وينبغي أن يطلى بعد النورة بشيء من الخزامى معجونا بماء ورد ، فإنه يذهب بحرارتها وصنتها (وقيل : بولة في الحمام قائما في الشتاء أنفع من شربة دواء) البول قائما مطلقا أنفع من قاعدا ، فإذا كان في الحمام بعد أن حبسه قليلا فهو أنفع من كل دواء سواء كان في الصيف أو في الشتاء ، وفي الشتاء أبلغ ولذا قيده المصنف به ويشترط في البائل قائما أن لا يكشف عورته للناس وأن لا يبول إلا إذا تندى جسده وأن يقصد به محلا مهجورا وأن يحذر من الرشاش على جسده (وقيل : نومة في الصيف) على مراقد معتدلة في الظهيرة (بعد الحمام) لمن هو حار المزاج معتدل اللحم (تعدل شربة دواء) ويشترط أن يتدثر في ثيابه عند النوم ، ثم يدخل الحمام ثانيا ويصب على بدنه ماء فاترا صبا متواترا ويخرج سريعا (وغسل القدمين بماء بارد بعد الخروج من الحمام أمان من النقرس) المرض المشهور ويشترط أن يكون الماء البارد معتدلا ليس بشديد البرد ولا يكون صبه عليهما بغتة (ويكره صب البارد على الرأس عند الخروج) ، فإنه يحدث أمراضا عسرة البرء كالصداع الشديد والبرسام (وكذا شربه) ، أي : الماء البارد عند الخروج مضر أيضا .



(تنبيه)

لا يدخل الحمام من به ورم باطن أو ورم ظاهر ولا من تفرق الاتصال أو حمى غضة أو تخمة وطول المكث فيه يوجب الغشي والخفقان والكرب ويضعف الباه وشهوة الطعام والحمام عقيب الغذاء يسمن وعلى البطنة يولد القولنج وعلى الخلاء يهزل وقليل الرياضة ينبغي له أن يستكثر من الحمام العرق ويابس المزاج ويستعمل الماء أكثر من الهواء قال الرئيس : وينبغي أن يسخن الحمام بأغصان السمسم أو القطن أو العدس ويحترز تسخينه بكساحة الطريق والروث والزبل والحمام الحار جدا يسيل الأخلاط الجامدة إلى أعماق البدن فيحدث سددا وأوراما ويسيل الرطوبات إلى التجاويف فيحدث عنه صرع أو سكتة والحمام البارد يحرك المادة إلى التفرق حركة ناقصة فتحدث من ذلك آفات وربما حدث منه الجرب والحكة والزكام والنزلة والمغص ويتدارك بأن يهيأ ماء سخن معتدل ويصب على الرأس والبدن قبل الخروج بساعة ويدام التدليك والتمريخ والغمز ، ثم لما يخرج يصب الماء الحار على الرأس وحده ، ثم يتعمم بعمامة معتدلة ويتدثر وينام والاغتسال بالماء البارد يقوي البدن وينشطه ويجمع القوى ويقويها ويجود الهضم ويقوي الشهوة ويحسن اللون ، وإنما يستعمل وقت الظهيرة في أيام الصيف لمن هو حار المزاج معتدل اللحم ويمنع منه الصبي لعدم استحكام أعضائه بعد .




الخدمات العلمية