الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأن يؤمن بأن الصراط حق وهو جسر ممدود على متن جهنم أحد من السيف ، وأدق من الشعرة تزل عليه أقدام الكافرين بحكم الله سبحانه ، فتهوي بهم إلى النار وتثبت عليه أقدام المؤمنين بفضل الله فيساقون إلى دار القرار .

التالي السابق


(وأن يؤمن بأن الصراط حق) ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة (وهو) لغة الطريق الواضح; لأنه يبلغ المارة، وشرعا (جسر ممدود على متن جهنم) يرده الأولون والآخرون، ذاهبين إلى الجنة; لأن جهنم بين الموقف والجنة (أحد [ ص: 39 ] من السيف، وأدق من الشعر) ومذهب أهل السنة بقاؤه على ظاهره مع تفويض علم حقيقته إليه سبحانه وتعالى، خلافا للمعتزلة، وطوله ثلاثة آلاف سنة، ألف صعود وألف هبوط وألف استواء، وجبريل في أوله، وميكائيل في وسطه، وفي حافتيه كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، وفيه سبع قناطر، يسأل العبد عند كل واحدة عن نوع من العبادات. ومرور العباد عليه متفاوت في سرعة النجاة، وعدمها، وهم فريقان، وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله: (تزل به أقدام الكافرين) والمنافقين (بحكمة الله تعالى، فتهوي به في النار) إما على الدوام والتأبيد كهؤلاء، وإما إلى مدة يريدها الله تعالى ثم ينجو، كبعض عصاة المؤمنين ممن قضى الله عليه بالعذاب .

هذا القسم الأول، وأشار إلى القسم الثاني بقوله: (وتثبت عليه أقدام المؤمنين) وهم أهل رجحان الأعمال الصالحة، والسالمون منهم من السيئات ممن خصهم الله بسابقة الحسنى (بفضل الله تعالى) وهم الذين يجوزون كطرفة العين، وبعدهم كالبرق الخاطف، وبعدهم كالريح العاصف، وبعدهم كالطير، وبعدهم كالجواد السابق، ثم الجواز سعيا ومشيا وحبوا على حسب تفاوت الأعمال، ويتسع الصراط ويدق بحسب انتشار النور وضيقه، ومن هنا كان دقيقا في حق قوم وعريضا في حق آخرين، وهو واحد في نفسه (فيساقون إلى دار القرار) أي: الجنة، والحكمة فيه ظهور النجاة من النار، وأن تصير الجنة أسر لقلوبهم، وليتحسر الكافر بفوز المؤمنين بعد اشتراكهم في العبور، ومما يجب اعتقاده أن العرش حق ثابت، وهو جسم عظيم نوراني علوي محيط بجميع الأجسام، وهو أول مخلوق لله تعالى في قول، ومما يجب اعتقاده أن الكرسي حق ثابت، وهو جسم عظيم نوراني بين يدي العرش ملتصق به فوق السماء السابعة، وهو غير العرش، على الصحيح، ومما يجب اعتقاده أن القلم حق ثابت، وهو عظيم نوراني، خلقه الله تعالى وأمره بكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، ومما يجب اعتقاده أن اللوح حق ثابت، وهو جسم عظيم نوراني، كتب فيه القلم بإذن الله تعالى ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، ومما يجب اعتقاده أن كلا من الكاتبين على العباد أعمالهم في الدنيا، والكاتبين في اللوح المحفوظ ما في صحف الملائكة الموكلين بالتصرف في العالم، والكاتبين من صحف الحفظة كتابا يوضع تحت العرش حق ثابت.




الخدمات العلمية