الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3154 قال أبو يعلى : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا المحاربي ، ثنا يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : حدثني أبو بكر رضي الله عنه قال : فاتني العشاء ذات ليلة فأتيت أهلي ، فقلت : هل عندكم عشاء ؟ قالوا : لا ، والله ما عندنا عشاء ، فاضطجعت على فراشي فلم يأتني النوم من الجوع ، فقلت : لو خرجت إلى المسجد فصليت ، وتعللت حتى أصبح ، فخرجت إلى المسجد ، فصليت ما شاء الله ، ثم تساندت إلى ناحية المسجد كذلك ، إذ طلع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقال : من هذا ؟ قلت : أبو بكر ، قال : ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقصصت عليه القصة ، فقال : والله ما أخرجني إلا الذي أخرجك ، فجلس إلى جنبي ، فبينا نحن كذلك إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنكرنا ، فقال : " من هذا ؟ " فبادرني عمر رضي الله عنه فقال : هذا أبو بكر وعمر ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أخرجكما هذه الساعة ؟ " فقال عمر رضي الله عنه : خرجت فدخلت المسجد فرأيت سواد أبي بكر رضي الله عنه فقلت : من هذا ؟ فقال : أبو بكر ، فقلت : ما أخرجك هذه الساعة ؟ فذكر الذي كان ، فقلت : وأنا والله ما أخرجني إلا الذي أخرجك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وأنا والله ما أخرجني إلا الذي أخرجكما ، فانطلقوا بنا إلى الواقفي أبي الهيثم بن التيهان فلعلنا نجد عنده شيئا يطعمنا " فخرجنا نمشي ، فانتهينا إلى الحائط في القمر ، فقرعنا الباب ، فقالت المرأة : من هذا ؟ فقال عمر رضي الله عنه : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، ففتحت لنا فدخلنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين زوجك ؟ " قالت : ذهب يستعذب لنا من الماء من حش بني حارثة ، الآن يأتيكم ، قال : فجاء يحمل قربة حتى أتى بها نخلة ، وعلقها على كرنافة من كرانيفها ، ثم أقبل علينا ، [ ص: 223 ] فقال : مرحبا وأهلا ، ما زار ناسا أحد قط مثل من زارني ، ثم قطع لنا عذقا فأتانا به ، فجعلنا ننقي منه في القمر ، ونأكل ثم أخذ الشفرة فجال في الغنم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياك والحلوب " أو قال : " إياك وذات الدر " . فأخذ رضي الله عنه شاة فذبحها وسلخها ، وقال لامرأته : قومي ، فطحنت وخبزت وجعلت تقطع في القدر من اللحم ، وتوقد تحتها حتى فرغ الخبز واللحم ، فثرد ، وغرف عليه من المرق واللحم ، ثم أتانا به فوضعه بين أيدينا فأكلنا حتى شبعنا ، ثم قام إلى القربة وقد صفقتها الريح ، فبرد ، فصب في الإناء ، ثم ناول رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب ، ثم ناول أبا بكر رضي الله عنه فشرب ، ثم ناول عمر رضي الله عنه فشرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله ، الذي خرجنا لم يخرجنا إلا الجوع ، ثم رجعنا وقد أصبنا هذا ، لتسألن عن هذا يوم القيامة ، هذا من النعيم " ثم قال صلى الله عليه وسلم للواقفي : " ما لك خادم يسقيك الماء ؟ " قال : لا والله يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا أتانا سبي فأتنا حتى نأمر لك بخادم " . فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه سبي ، فأتاه الواقفي فقال : " ما جاء بك ؟ " قال : يا رسول الله وعدك الذي وعدتني ، قال : " هذا سبي فقم فاختر منه " . فقال : كن أنت تختار لي ، فقال صلى الله عليه وسلم : " خذ هذا الغلام وأحسن إليه " . قال : فأخذه فانطلق به إلى امرأته ، فقالت : ما هذا ؟ فقص عليها القصة قالت : فأي شيء قلت له ؟ قال : قلت له : كن أنت الذي تختار لي ، قالت : قد أحسنت ، قال لك : أحسن إليه ، فأحسن إليه ، قال : ما الإحسان إليه ؟ قالت : أن تعتقه ، قال : فهو حر لوجه الله تعالى .

                                                                                        [ ص: 224 ] [ ص: 225 ] [ ص: 226 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية