الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        3202 وقال الحارث : حدثنا داود بن المحبر ، ثنا ميسرة ، عن أبي عائشة ، عن يزيد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وابن عباس رضي الله عنهما قالا : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة فوعظنا فيها موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، واقشعرت منها الجلود ، وتقلقلت منها الأحشاء ، أمر صلى الله عليه وسلم بلالا رضي الله عنه فنادى : الصلاة جامعة ، فذكر الحديث بطوله ، وفيه : " ومن اختار الدنيا على الآخرة فله النار ، ومن عظم صاحب دنيا ومدحه طمعا في دنياه سخط الله تعالى عليه ، وكان في درجة قارون في أسفل جهنم ، ومن بنى بناء رياء وسمعة حمله يوم القيامة من سبع أرضين ، مطوقة نارا توقد في عنقه ثم يرمى به في النار " فقيل : وكيف يبني بناء رياء وسمعة ؟ فقال : " يبني فضلا عما يكفيه ويبنيه مباهاة ، ومن تعلم القرآن فلم يعمل به وآثر عليه حطام الدنيا وزينتها استوجب سخط الله تعالى ، وكان في درجة اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ، ومن سخط رزقه وبث شكواه لم ترفع له إلى الله تعالى حسنة ، ولقي الله عز وجل وهو عليه ساخط ، ومن نكح امرأة حلالا بمال حلال يريد بذلك الفخر والرياء لم يزده الله تعالى بذلك إلا ذلا وهوانا ، وأقامه الله تعالى بقدر ما استمتع منها على شفير جهنم ، ثم يهوي فيها سبعين خريفا ، ومن أهان فقيرا مسلما من أجل فقره فاستخف به ، فقد استخف بحق الله تعالى ، ولم يزل في مقت الله تعالى وسخطه حتى يرضيه ، ومن أكرم فقيرا مسلما لقي الله تعالى يوم القيامة وهو يضحك إليه ، ومن عرضت له الدنيا والآخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي الله تعالى وليست له حسنة يتقي بها النار ، وإن [ ص: 388 ] اختار الآخرة على الدنيا لقي الله تعالى وهو عنه راض ، ومن ذرفت عيناه من خشية الله تبارك وتعالى كان له بكل قطرة من دموعه مثل أحد في ميزانه ، وله بكل قطرة عين في الجنة على حافتها من المدائن والقصور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب واصف " .

                                                                                        [ ص: 389 ] [ ص: 390 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية