الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              437 - حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الشيرجي الخصيب ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحجاج المروذي ، قال : قال لي أبو عبد الله : " مكثت ثلاثة أيام يناظرونني " . قلت : فكان يدخل إليك بالطعام ؟ قال : " لا " . قلت : فكنت تأكل شيئا ؟ قال : " مكثت يومين لا أطعم ، ومكثت يومين لا أشرب ، ومكثت ثلاثة أيام يناظرونني بين يديه ، يعني : الرأس أبا إسحاق ، وقد جمعوا علي نحوا من خمسين بصريا وغير ذلك يعني من المناظرين ، وفيهم الشافعي الأعمى " ، فقلت له : كلهم يناظرونك بالليل ؟ قال : " نعم كل ليلة ، وكان فيهم الغلام غسان ، يعني قاضي الكوفة ، وقال : إنما كان الأمر أمر ابن أبي دؤاد ، قلت له : كانوا كلهم يكلمونك ؟ قال : " نعم ، هذا يتكلم من [ ص: 260 ] هاهنا ، وهذا يحتج من هاهنا ، وهذا يتأول على آية وعجيف عن يمينه ، وإسحاق عن يساره قائم ، ونحن بين يديه - يعني : أبا إسحاق - فسألني غير مرة ، فقلت : أوجدني في كتاب أو سنة ، فقال لي إسحاق ، وعجيف : وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة ؟

              قلت لهم : ناظروني في الفقه أو في العلم .

              فقال عجيف : أنت وحدك تريد أن تغلب هؤلاء الخلق كلهم ، ولزني بقائمة سيفه ، وأشار أبو عبد الله إلى عنقه يريني بيده هكذا ، ثم قال إسحاق بن إبراهيم : وأنت لا تقول إلا ما كان في كتاب أو سنة ، ولكزني بقائمة سيفه ، وأومأ أبو عبد الله إلى حلقه ، قلت : فكان أبو إسحاق يتكلم ؟ قال : " لا ، إلا ساكت ، إنما كان الأمر أمر ابن أبي دؤاد .

              ثم قال أبو عبد الله : " لم يكن فيهم أحد أرق علي من أبي إسحاق مع أنه لم يكن فيهم رشيد " .

              قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : " لما قلت : لا أتكلم إلا ما كان في كتاب أو سنة احتج الأعمى الشافعي بحديث عمران بن حصين " خلق الله الذكر " . قال : فقلت له : هذا خطأ رواه الثوري ، وأبو معاوية ، وإنما وهم فيه محمد بن [ ص: 261 ] عبيد ، وقد نهيته أن يحدث به . قال : فقال أبو إسحاق : أراه فقيها .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية