الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              223 - وأخبرني أبو القاسم عمر بن أحمد الجابري ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن هارون ، قال : وحدثني عبيد الله بن حنبل ، قال : حدثني أبو حنبل بن إسحاق ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : " قال الله عز وجل في كتابه : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ، فجبريل سمعه من الله ، وسمعه النبي من جبريل ، وسمعه أصحاب النبي من النبي فالقرآن كلام الله غير مخلوق ، ولا نشك ولا نرتاب فيه ، وأسماء الله في القرآن وصفاته ، والقرآن من علم الله ، وصفاته منه ، فمن زعم أن القرآن مخلوق ، فهو كافر ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، فقد كنا نهاب الكلام في هذا ، حتى أحدث هؤلاء ما أحدثوا ، وقالوا ما قالوا ، ودعوا الناس إلى [ ص: 33 ] ما دعوهم إليه ، فبان لنا أمرهم ، وهو الكفر بالله العظيم " .

              ثم قال أبو عبد الله : " لم يزل الله عالما متكلما يعبد بصفاته غير محدودة ولا معلومة ، إلا بما وصف به نفسه سميعا ، عليما ، غفورا ، رحيما ، عالم الغيب والشهادة ، علام الغيوب ، فهذه صفات الله وصف بها نفسه ، لا تدفع ولا ترد ، وهو على العرش بلا حد ، كما استوى على العرش كيف شاء ، المشيئة إليه [ ص: 34 ] والاستطاعة إليه : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لا تبلغه صفة الواصفين ، وهو كما وصف نفسه ، نؤمن بالقرآن محكمه ومتشابهه ، كل من عند ربنا .

              قال الله عز وجل : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم ، فاترك الجدل والمراء في القرآن ، ولا تجادل ولا تمار ، وتؤمن به كله وترده إلى عالمه ، إلى الله ، فهو أعلم به ، منه بدأ وإليه يعود " .

              قال أبو عبد الله : وقال لي عبد الرحمن : " كان الله ولا قرآن ؟ فقلت له مجيبا : كان الله ولا علم ؟ فالعلم من الله وله ، وعلم الله منه والعلم غير مخلوق ، فمن قال : إنه مخلوق ، فقد كفر بالله ، وزعم أن الله مخلوق ، فهذا الكفر البين الصراح " . [ ص: 35 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية