الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              باب مناظرة رجل آخر بحضرة المعتصم .

              455 - قال الشيخ : ووجدت في كتاب هذا الشيخ أيضا :

              حدثنا أبو الحسن علي بن يحيى بن عيسى ، قال : سمعت زرقان بن محمد ، يقول : سمعت أبا داود السجستاني ، يقول : لما جيء بعبد الله بن عبد الله الخراساني وأحضر للمحنة وأحمد بن حنبل محبوس ، قال : الخراساني : هذا الذي تدعوني إليه أعرضوه علي ، قال : تقول : القرآن مخلوق ؟ .

              قال : هذا الذي تدعون إليه علمه الله ورسوله وجميع المؤمنين ؟ قالوا : نعم . قال : فوسعهم السكوت عنه ؟ فأطرق المعتصم مليا ، ثم رفع رأسه ، فقال : نعم .

              قال : فما وسعكم ما وسع القوم ؟
              قال : فقال المعتصم : أخلوا لي بيتا ، فأخلي له بيت ، فطرح نفسه فيه على قفاه ورفع رجليه مع الحائط ، وهو يقول : علمه الله وعلمه رسوله والمؤمنون ، ووسعهم السكوت عنه وسعنا ما وسع القوم ، صدق الخراساني ، ما زال يقول ذلك ويردده يومه وليلته ، لا يجد فيه حجة ، فلما كان من الغد أمر بإحضار الجماعة ثم جلس على كرسيه وأحضر القوم ، فبدأ الخراساني فأسكتهم وقطع حجتهم ، فقال المعتصم : خلوا عن الخراساني ، فقال ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين! إن هذا متى يخرج على هذه السبيل يفتن العامة ويقول : غلبت أمير المؤمنين وغلبت قضاته وشيوخه وعلماءه ، وقهرته وأدحضت حجته ، فقال : صدقت يا أحمد! [ ص: 283 ] .

              ثم قال : جروا برجله ، فجروا برجله على وجهه إلى البيت الذي فيه أحمد بن حنبل ، فتعلقت الرزة بغلصمته ، فقال : اجذبوه فجذبوه فانقطع رأسه ، قال أحمد بن حنبل : فسمعت اللسان يقول في الرأس : غير مخلوق ثلاث مرات ، ثم سكت .

              قال أحمد : فكان ذلك مما بصرني في أمري ، وشجع به قلبي " . [ ص: 284 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية