الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              181 - وعن ابن عباس ، نحوه [ ص: 239 ] .

              قال الشيخ : وقد اختصرت من الأحاديث المروية في هذا الباب ما فيه كفاية وهداية للمؤمن الموفق الذي شرح الله صدره للإسلام وأمده ببصائر الإيمان وأعاذه من عناد الجهمية وجحود المعتزلة ، فإن الجهمية ترد هذه الأحاديث وتجحدها وتكذب الرواة وفي تكذيبها لهذه الأحاديث رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاندة له ، ومن رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد على الله .

              قال الله عز وجل : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .

              فإذا قامت الحجة على الجهمي وعلم صحة هذه الأحاديث ولم يقدر على جحدها .

              قال : الحديث صحيح ، وإنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ينزل ربنا في كل ليلة " ينزل أمره ، قلنا : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ينزل الله عز وجل " ، " وينزل ربنا " ولو أراد أمره لقال : ينزل أمر ربنا . فيقول : إن قلنا : ينزل ، فقد قلنا : إنه يزول والله لا يزول ولو كان ينزل لزال ؛ لأن كل نازل زائل [ ص: 240 ] .

              فقلنا : أو لستم تزعمون أنكم تنفون التشبيه عن رب العالمين ؟ فقد صرتم بهذه المقالة إلى أقبح التشبيه ، وأشد الخلاف ؛ لأنكم إن جحدتم الآثار ، وكذبتم بالحديث ، رددتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ، وكذبتم خبره ، وإن قلتم : لا ينزل إلا بزوال ، فقد شبهتموه بخلقه ، وزعمتم أنه لا يقدر أن ينزل إلا بزواله على وصف المخلوق الذي إذا كان بمكان خلا منه مكان لكنا نصدق نبينا صلى الله عليه وسلم ونقبل ما جاء به فإنا بذلك أمرنا وإليه ندبنا ، فنقول كما قال : " ينزل ربنا عز وجل " ولا نقول : إنه يزول بل ينزل كيف شاء ، لا نصف نزوله ، ولا نحده ولا نقول : إن نزوله زواله ، قال شريك : إنما جاء بهذه الأحاديث من جاء بالسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام والزكاة والحج وإنما عرفنا الله وعبدناه بهذه الأحاديث .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية