الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              60 - سمعت أبا بكر بن الأنباري النحوي ، يقول في قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، ولو كان بمعنى منتظرة ما جاز أن تكون ناضرة ؛ لأن المنتظر على وجهه الحزن ؛ لأنه متوقع شيئا لم يحصل له ، والناضرة مسفرة ، مشرقة ، ضاحكة ، مستبشرة " .

              ووجه آخر : أنه لو أراد بالناظرة : منتظرة ، كان يقول : لربها ناظرة ، ولم يقل : إلى ربها ناظرة .

              وقالت الجهمية : معنى قوله تعالى : من كان يرجو لقاء الله ، و فمن كان يرجو لقاء ربه ، إنما هو كما تقول : لقيت خيرا ، ولقيت من فلان شرا ، وكما قال موسى : لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا [ ص: 75 ] .

              وهذا كله تأويل تأولته الجهمية على غير أصل ، ولا علم بفصيح اللسان ، يلبسون بذلك على أهل الجهل ، ويموهون على من لا علم عنده .

              وقد فرق الله بين ما قالوه وتأولوه ، وبين ما قلنا ، ألا ترى أنك تقول : لقيت منك ، ولقيت من فلان خيرا ، فإذا دخلت (من) جاز أن يكون كما تأولوه ، فإذا أردت لقاء النظر لم يجز أن يكون فيها (من) ، فإذا قلت لقيت فلانا ولقيتك ، كان ذلك بمعنى اللقاء والنظر لا غير ، وكذلك قال موسى عليه السلام : لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، أدخل فيها (من) ، وليس فيما احتججنا به من لقاء الله (من) .

              قال الله تعالى : من كان يرجو لقاء الله ، فمن كان يرجو لقاء ربه .

              وقال تعالى : تحيتهم يوم يلقونه سلام .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية