الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              اعلم رحمك الله أن العصمة في الدين إن تنته حيث انتهى بك فلا تجاوز ما قد حد لك ، فإن من قوام الدين معرفة المعروف ، وإنكار المنكر ، فما بسطت عليه المعرفة ، وسكنت إليه الأفئدة ، وذكر أصله في الكتاب والسنة ، وتوارثت علمه الأمة ، فلا تخافن في ذكره ، وصفته من ربك ما وصف من نفسه عبثا ، ولا تتكلفن لما وصف لك من ذلك قدرا ، وما أنكرته نفسك [ ص: 69 ] ولم تجد ذكره في كتاب ربك ، ولا في الحديث عن نبيك ، من صفة ربك فلا تتكلفن علمه بعقلك ، ولا تصفه بلسانك ، واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه ؛ فإن تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه مثل إنكارك ما وصف منها ، فكما أعظمت ما جحد الجاحدون مما وصفه من نفسه ، فكذلك أعظم تكلف ما وصف الواصفون مما لم يصف منها ، فقد والله عز المسلمون الذين يعرفون المعروف وبمعرفتهم يعرف ، وينكرون المنكر وبإنكارهم ينكر ، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه وما يبلغهم مثله عن نبيه ، فما مرض من ذكر هذا وتسميته من الرب قلب مسلم ، ولا تكلف صفة قدره ولا تسمية غيره من الرب مؤمن .

              وما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سماه من صفة ربه ، فهو بمنزلة ما سمى ووصف الرب تعالى من نفسه ، من أجل ما وصفنا ، كالجاحد المنكر لما وصفنا منها ، والراسخون في العلم الواقفون حيث انتهى علمهم ، الواصفون لربهم بما وصف من نفسه ، التاركون لما ترك من ذكرها ، لا ينكرون صفة ما سمى منه جحدا ، ولا يتكلفون وصفه بما لم يسم تعمقا ؛ لأن الحق ترك ما ترك ، وتسمية ما [ ص: 70 ] سمى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ، وهب الله لنا ولكم حكما وألحقنا بالصالحين .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية