الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              66 - حدثنا جعفر القافلائي ، قال : ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الهقل ، عن الأوزاعي ، قال : نبئت ، أنه لقي سعيد بن المسيب أبا هريرة فقال : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة ، قال سعيد : وفيها سوق ؟ قال : نعم ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة إذا دخلوا نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيرون الله فيه ، فيبرز لهم على عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فيوضع لهم [ ص: 89 ] منابر من ياقوت ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم وما فيهم من دني على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أن أصحاب الكراسي أفضل منهم مجلسا " . قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل نرى ربنا ؟ قال : " نعم ، هل تمارون في رؤية الشمس ، والقمر ليلة البدر ؟ " فقلت : لا ، قال : وكذلك لا تمترون في رؤية ربكم ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة حتى إنه يقول للرجل منكم : يا فلان ابن فلان تذكر يوم عملت بكذا وكذا ؟ ويذكره بعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب أولم تغفر لي ؟ فيقول : بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه .

              قال : فبينا هم كذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ، قال : ثم يقول ربنا : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة ، فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب ، ويحمل لنا ما اشتهينا ، ليس في شيء يباع ولا يشترى ، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا [ ص: 90 ] .

              قال : فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة ، فيلقى من هو دونه ، فيروعه ما يرى عليه من اللباس فما يقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ، وكذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ، قال : فنصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا ، فيقلن : مرحبا وأهلا بحبيبنا ، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه ، قال : فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ، فيحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به " .
              [ ص: 91 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية