الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              باب الإيمان بأن الله سميع بصير ، ردا لما جحدته المعتزلة الملحدة

              قال الشيخ : فالجهمية تجحد أن لله سمعا ، وبصرا ، وقالوا : معنى قوله : سميع بصير أن لا يخفى عليه شيء ، كقولك للمكفوف : ما أبصره بكيت وكيت ، فدل ذلك من قولهم على إبطال صفات الموصوف ، وردوا كتاب الله وجحدوا صفات الله التي وصف الله بها نفسه ، وقد أكذبهم الله عز وجل ورسوله .

              واحتجوا بقوله : ليس كمثله شيء ، فعدلوا عما نهى الله ، ووهموا على الضعفاء أنهم يريدون بنفي الصفات تنزيه الله ، وصرف التشبيه عنه ، وإنما أراد الله بقوله : ليس كمثله شيء في القدرة ، والعظمة ، والعز والبقاء ، والسلطان ، والربوبية ؛ لأن الله عز وجل وصف نفسه بما يشاء ، ثم وصف خلقه بمثل تلك الصفات في الأسماء والصفات واحدة ، وليس الموصوف بها مثله .

              قال الله عز وجل : فأينما تولوا فثم وجه الله ، و كل شيء هالك إلا وجهه . وقال : فولوا وجوهكم شطره ، فذكر لنفسه وجها وذكر لخلقه وجوها . [ ص: 320 ]

              وقال ويحذركم الله نفسه .

              وقال : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك .

              وقال : واصطنعتك لنفسي .

              وقال : كل نفس ذائقة الموت .

              وقال : وكان الله سميعا بصيرا .

              وقال : فجعلناه سميعا بصيرا .

              وقال : لما خلقت بيدي .

              وقال : ذلك بما قدمت يداك .

              وقال : إن الله بكل شيء عليم .

              وقال : وبشروه بغلام عليم .

              وقال : والله غفور حليم .

              وقال : فبشرناه بغلام حليم .

              وقال : قوي عزيز .

              وقال : قالت امرأت العزيز .

              وقال : إن خير من استأجرت القوي الأمين .

              وقال : مالك يوم الدين ، وقال ، وقال الملك ائتوني به . [ ص: 321 ]

              وقال : وتوكل على الحي الذي لا يموت .

              وقال : بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فهذه كلها وأمثالها ، ونظائرها وما لم نذكره من صفات الله التي وصف خلقه بمثلها وهو مع ذلك ليس كمثله شيء كما أنه لم يبطل قولنا : فلان قوي عزيز ، وفلان رحيم ، وفلان حليم ، وفلان عالم ، وفلان ملك قومه ، وأشباه ذلك ، فذلك كله لا يبطل شيئا من صفات الله التي وصف بها نفسه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية