الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          فصل ومن غصبه إنسان مالا جهرا ( أو كان عنده عين ماله ) أي عين مال غيره ، ( فله ) أي المغصوب ماله جهرا ( أخذ قدر ) ماله ( المغصوب ) من مال غاصب ( جهرا ) كما فعل ، ( و ) لرب العين التي عند غيره أن يأخذ ( عين ماله ) ممن هي عنده ( ولو قهرا ) قال في الترغيب : ما لم يفض إلى فتنة إلا ( أخذ قدر دينه ) الذي له بذمة غيره ( من مال مدين تعذر أخذ دينه منه بحاكم لجحد أو غيره ) كسكان بواد يتعذر إحضار الخصوم منها نصا لحديث : " [ ص: 537 ] { أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك } رواه الترمذي وحسنه وأخذه من ماله قدر حقه بلا إذنه خيانة له .

                                                                          وحديث : " { لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه } ; ولأنه إن أخذ من غير جنس دينه فهي معاوضة بغير تراض ، وإن أخذ من جنسه فليس له تعيين حقه بغير رضا ربه كما أنه لا يجوز أن يقول : لا آخذ حقي إلا من هذا الكيس دون غيره ، فإن أخذ شيئا بغير إذن المدين لزمه رده إن بقي وبدله إن تلف ، وإن كان من جنس دينه تقاصا ( إلا إذا تعذر على ضيف أخذ حقه بحاكم ) فيأخذه وتقدم بدليله في كتاب الأطعمة ، ( أو منع زوج ومن في معناه ) كقريب ومعتق وجبت عليه نفقة قريبه ومولاه ( ما وجب عليه من نفقة ونحوها ) كالكسوة ممن وجبت ، له الأخذ لحديث هند وقد أشار أحمد إلى الفرق بينه وبين الدين بأن حقها واجب عليه في كل وقت أي فتشق المحاكمة والمخاصمة في كل وقت تجب فيه النفقة .

                                                                          وفرق أبو بكر أيضا بينهما بأن قيام الزوجة كقيام البينة فكأن الحق صار معلوما بعلم قيام مقتضيه ، وأيضا فالمرأة تنبسط في مال الزوج بحكم العادة فأثر في إباحة أخذ الحق ، بخلاف الأجنبي وأيضا النفقة ترد لإحياء النفس ولا صبر عنها ، بخلاف الدين حتى إنه ليس لها أخذ نفقة ماضية ولا دين عليه ، ( ولو كان لكل ) واحد ( من اثنين على الآخر دين من غير جنسه ) أي الدين على الآخر بأن كان دين أحدهما ذهبا ودين الآخر فضة ، ( فجحد أحدهما ) دين صاحبه ( فليس للآخر أن يجحد ) دين الجاحد لدينه ; لأنه كبيع دين بدين لا يجوز ولو تراضيا فإن كان من جنسه تقاصا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية