البحث الثالث ، في  الصيغة الدالة على الأمر      .  
وقد اختلف القائلون بكلام النفس  [1] هل للأمر صيغة تخصه وتدل عليه دون غيره في اللغة ، أم لا .  
فذهب  الشيخ أبو الحسن  ، رحمه الله ومن تابعه إلى النفي ، وذهب من عداهم إلى الإثبات .  
قال   إمام الحرمين   والغزالي  ، والذي نرآه أن هذه الترجمة عن  الأشعري  خطأ .  
فإن قول القائل لغيره " أمرتك وأنت مأمور " صيغة خاصة بالأمر من غير منازعة ، وإنما الخلاف في أن صيغة " افعل " هل هي خاصة بالأمر ، أو لكونها مترددة في اللغة بين محامل كثيرة يأتي ذكرها .  
واعلم أنه لا وجه لاستبعاد هذا الخلاف ، وقول القائل " أمرتك وأنت مأمور " لا يرفع هذا الخلاف ، إذ الخلاف إنما هو في صيغة الأمر الموضوعة للإنشاء ، وما مثل  [2] هذه الصيغ أمكن أن يقال إنها إخبارات عن الأمر لا إنشاآت .  
وإن كان الظاهر صحة استعمالها للإنشاء ، فإنه لا مانع من استعمال صيغة الخبر للإنشاء ، كما في قوله : طلقت وبعت واشتريت ونحوه .  
 [ ص: 142 ] وبيانه أنه إذا قال لزوجته ( طلقتك ) فإن الطلاق يقع عليه إجماعا ، ولو كان إخبارا لكان إخبارا عن الماضي أو الحال ، لعدم صلاحية هذه الصيغة للاستقبال ، ولو كان كذلك ، لم يخل إما أن يكون قد وجد منه الطلاق ، أو لم يوجد : فإن كان الأول ، امتنع تعليقه بالشرط في قوله " إن دخلت الدار " لأن تعليق وجود ما وجد على وجود ما لم يوجد محال ، وإن كان الثاني ، وجب أن يعد كاذبا ، وأن لا يقع الطلاق عليه ، وهو خلاف الإجماع .  
وإن قدر أنه إخبار عن المستقبل مع الإحالة ، فيجب أيضا أن لا يقع به الطلاق كما لو صرح بذلك ، وقال لها ستصيرين طالقا في المستقبل ، فإنه لا يقع به الطلاق مع أنه صريح إخبار عن وقوع الطلاق في المستقبل فما ليس بصريح أولى .  
وإذا بطل كونه إخبارا تعين أن يكون إنشاء ، إذ الإجماع منعقد على امتناع الخلو منهما ، فإذا بطل أحدهما تعين الآخر .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					