149  - أنا أبو بكر : عبد الله بن علي بن حمويه بن أبرك الهمذاني  بها ، أنا أبو بكر : أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الشيرازي ،  أنا أبو الفضل : أحمد بن محمد بن إسحاق السمرقندي ،  نا أبو عبد الرحمن : عبد الله بن مسعود ،  نا  إبراهيم بن نصر ،  قال : حدثني أبو محمد : عبد الله بن نمر ،  قال : سمعت  عبد الله بن عثمان ،  يقول : سمعت  محمد بن الحسن  مرارا ، يقول :  " إذا أفنى الرجل قوته وشبيبته في الحسابات ، فإذا بلغ منها الغاية القصوى في نفسه ، فوجهها المساحة والقسمة ونحوهما ، وقد كرهها بعض الفقهاء " .  
بلغنا أن  سعيد بن المسيب  قال : الذي يمسح للناس ، ويأخذ عليها أجرا أنه لغير طائل ، قال محمد : وأما نحن فلا نرى بأسا أن يؤدي فيه الأمانة ، ويأخذ عليها الأجر . 
وإن أفنى أيامه وقوته وحفظه في طلب الشعر ، فإذا بلغ فيه الغاية القصوى في نفسه ، فقصاراه أن يصير شاعرا يطري من يعطيه شيئا أو يكرمه . 
بلغنا أن  عمر بن الخطاب ،   وعثمان بن عفان  كانا يضربان على الهجاء ضربا شديدا ، ويحبسان . 
وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ، شاعر يهجو قبيلة بأسرها " .  
 [ ص: 156 ] فهو أبدا حريص مستعط ذليل ، وما عليه من التبعة في العاقبة أشد وأدهى . وإن أفنى أيامه في النحو ، والعويص من الكلام فقصاراه أن يصير مؤدبا ، يؤدب أولاد الملوك ، فهو أبدا في المعاذير ، والمداراة ، والبلاء ، فربما أصاب من خيرهم ، وربما طرد وحرم ، فإن معاشرتهم شديدة ، وإن أفنى أيامه في أحاديث السمر والمغازي ، وأيام العرب والأنساب ، ونحو ذلك ، فإذا بلغ منه الغاية القصوى في نفسه فقصاراه أن ينضم إلى بعض الملوك فيسامره ، ويؤاتيه على أمره ، ويساعده على ما أراد طمعا منه ، فما يحرم من دينه أكثر مما عسى أن يصيب من دنياه ، وإن أفنى أيامه في هذه الخطب والرسائل ، وأشباه ذلك ، فقصاراه أن يصير خطيبا ، وقد بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  " ما من خطيب يخطب ، إلا عرضت عليه يوم القيامة أراد بها ما عند الله ، أو ما عند الناس " .  
كان سفيان  يقول : الكلمة خطبة . 
قال  محمد بن الحسن :   " ولكن من وفق لهذا العلم ، الذي فيه الحلال والحرام ، والفرائض والحدود ، والأحكام ، ومعالم الدين كلها ، فطلبه في شبيبته قبل تراكب الأشغال عليه ، فأدرك منه حظا ، فإن أراد به الآخرة ، ووفق فيه للخير والصدق ، أدرك به الدنيا والآخرة ، إن شاء الله ، وكان مكرما محمودا عزيزا متبعا شريفا بعيد الصوت  [ ص: 157 ] مطاعا في الناس ، وإن أراد به الدنيا ، ولم يوفق فيه للخير والصيانة ، وظلف النفس وإلجامها عن هواها لم يستغن عنه الناس ، فإنه ليس في الدنيا خلق يستغني عن العلم إلا من رضي بالجهالة والخسارة ، فإذا لم يكن لهم غنية - يعني : عنه - فلا بد لهم من إكرامه ومعرفة حقه " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					