الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
254 - أنا القاضي أبو حامد : أحمد بن محمد الإستوائي ، نا علي بن عمر بن أحمد الحافظ ، نا أحمد بن محمد بن سعيد ، نا إبراهيم بن الوليد بن حماد ، نا محمد بن سعيد بن حماد ، نا حفص بن عمر بن سعيد ، عن عمه سفيان الثوري قال : حدثني الحسن - يعني : ابن عمارة - عن الحكم ، عن مجاهد ، ومقسم ، عن ابن عباس ، أنه ذكر عنده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لضباعة : " حجي واشترطي " .

فقال ابن عباس : " هذا منسوخ " .


قيل له : وما نسخ هذا ؟

قال : قول الله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) والنسخ لا يجوز إلا فيما يصح وقوعه على وجهين ، كالصوم والصلاة وغيرهما من العبادات الشرعية ، فأما ما لا يجوز أن يكون إلا على وجه واحد ، مثل التوحيد وصفات الله تعالى الذاتية ، كعلمه وقدرته ، وما عدا ذلك من صفاته ، فلا يصح فيه النسخ ، وكذلك ما أخبر الله تعالى عنه من أخبار القرون الماضية ، والأمم السالفة .

[ ص: 256 ] فلا يجوز فيها النسخ ، وهكذا ما أخبر عن وقوعه في المستقبل كخروج الدجال ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم إلى الأرض ، ونحو ذلك ، فإن النسخ فيه لا يجوز .

ولا يجوز نسخ إجماع المسلمين ، لأن الإجماع لا يكون إلا بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والنسخ لا يجوز بعد موته .

ولا يجوز نسخ القياس : لأن القياس تابع للأصول ، والأصول ثابتة فلا يجوز نسخ تابعها .

[ ص: 257 ] الكلام في الأصل الثاني من أصول الفقه

وهو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

السنة : ما رسم ليحتذى ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها " .

ولا فرق بين أن يكون هذا المرسوم واجبا ، أو غير واجب ، يدل عليه ما روي عن ابن عباس : أنه صلى على جنازة فجهر فيها بفاتحة الكتاب ، وقال : " إنما فعلت هذا لتعلموا أنها سنة " .

يعني : قراءة الفاتحة ، وهي واجبة في صلاة الجنازة .

وقد غلب على ألسنة الفقهاء ، أنهم يطلقون السنة ، فيما ليس بواجب ، فينبغي أن يقال في حد السنة : أنه ما رسم ليحتذى استحبابا .

التالي السابق


الخدمات العلمية