الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
228 - أنا الجوهري ، أنا محمد بن العباس ، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا الربيع بن سليمان ، قال الشافعي : " أبان الله تعالى لخلقه ، أنه أنزل كتابه بلسان . نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وهو لسان [ ص: 228 ] قومه العرب ، فخاطبهم عز وجل بلسانهم ، على ما يعرفون من معاني كلامهم ، وكانوا يعرفون من معاني كلامهم ، أنهم يلفظون بالشيء عاما يريدون به العام ، وعاما يريدون به الخاص ، ثم دلهم على ما أراد من ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأبان لهم أن ما قبلوا عن نبيه ، فعنه عز وجل ، قبلوا بما فرض الله من طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع من كتابه منها : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ، وقوله : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) الآية .

قال الشافعي : " مما نزل عام الظاهر ما دل الكتاب على أن الله تعالى أراد به الخاص ، قول الله تعالى : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ) إلى ( فخلوا سبيلهم ) ، وقال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ، فكان ظاهر مخرج هذا عاما على كل مشرك ، وأنزل الله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ) إلى : ( صاغرون ) ، فدل أمر الله بقتال المشركين من أهل الكتاب ، حتى يعطوا الجزية على أنه إنما أراد بالآيتين اللتين ذكر فيهما قتال المشركين ، حيث وجدوا حتى يقيموا الصلاة ، وأن يقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ، من خالف أهل الكتاب من المشركين ، وكذلك دلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتال أهل الأوثان حتى يسلموا ، وقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ، قال : فهذا من العام .

[ ص: 229 ] الذي دل الله على أنه أراد به الخاص ،
لا أن واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى ، لأن لإعمالهما معا وجها ، بأن كان أهل الشرك صنفين ، صنف أهل كتاب ، وصنف غير أهل كتاب ، ولهذا في القرآن نظائر ، وفي السنن مثل هذا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية