الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عنا ) ( هـ ) أتاه جبريل فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يعنيك أي يقصدك يقال : عنيت فلانا عنيا ، إذا قصدته . وقيل : معناه من كل داء يشغلك . يقال : هذا أمر لا يعنيني : أي لا يشغلني ويهمني .

                                                          * ومنه الحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أي لا ما لا يهمه . ويقال : عنيت بحاجتك أعنى بها فأنا بها معني ، وعنيت به فأنا عان ، والأول أكثر : أي اهتممت بها واشتغلت .

                                                          * ومنه الحديث أنه قال لرجل : لقد عني الله بك معنى العناية هاهنا الحفظ ، فإن من عني بشيء حفظه وحرسه ، يريد : لقد حفظ عليك دينك وأمرك .

                                                          * وفي حديث عقبة بن عامر في الرمي بالسهام " لولا كلام سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أعانه " معاناة الشيء : ملابسته ومباشرته . والقوم يعانون مالهم : أي يقومون عليه .

                                                          ( هـ ) وفيه أطعموا الجائع وفكوا العاني ، العاني : الأسير . وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو ، وهو عان ، والمرأة عانية ، وجمعها : عوان .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أي أسراء ، أو كالأسراء .

                                                          ( س ) ومنه حديث المقدام " الخال وارث من لا وارث له ، يفك عانه " أي عانيه ، فحذف الياء . وفي رواية " يفك عنيه " بضم العين وتشديد الياء ، يقال : عنا يعنو عنوا وعنيا . ومعنى الأسر في هذا الحديث : ما يلزمه ويتعلق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة .

                                                          [ ص: 315 ] هذا عند من يورث الخال ، ومن لا يورثه يكون معناه أنها أطعمها الخال ، لا أن يكون وارثا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث علي " أنه كان يحرض أصحابه يوم صفين ويقول : استشعروا الخشية وعنوا بالأصوات " أي احبسوها وأخفوها ، من التعنية الحبس والأسر ، كأنه نهاهم عن اللغط ورفع الأصوات .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الشعبي " لأن أتعنى بعنية أحب إلي من أن أقول في مسألة برأيي " العنية : بول فيه أخلاط تطلى به الإبل الجربى . والتعني : التطلي بها ، سميت عنية لطول الحبس .

                                                          * ومنه المثل " عنية تشفي الجرب " يضرب للرجل إذا كان جيد الرأي .

                                                          ( س ) وفي حديث الفتح أنه دخل مكة عنوة أي قهرا وغلبة . وقد تكرر ذكره في الحديث . وهو من عنا يعنو إذا ذل وخضع . والعنوة : المرة الواحدة منه ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية