وإذا فمضى [ ص: 118 ] اليوم ، وقال كل واحد منهما : حنث صاحبي فعلى قول قال أحد الشريكين للعبد : إن دخلت المسجد اليوم فأنت حر ، وقال : له الآخر إن لم تدخل المسجد اليوم فأنت حر أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - يسقط نصف السعاية عن العبد ، وعند وأبي يوسف رحمه الله تعالى لا يسقط عنه شيء من السعاية إذا كانا معسرين ; لأن كل واحد من الشريكين شاهد على صاحبه بالعتق فلا يسقط شيء من السعاية عن العبد إذا كانا معسرين ، وهذا ; لأن المقضي عليه بسقوط حقه في السعاية مجهول ، والقضاء بالمجهول لا يجوز ، ألا ترى أنه لو محمد ، وقال الآخر إن لم تدخل اليوم فبزيغ حر فمضى اليوم ، ولا يدرى أدخل ، أو لم يدخل لا يسقط شيء من السعاية عن العبد ; لجهالة المقضي عليه منهما فهذا مثله ، وهما يقولان تيقن القاضي بحنث أحدهما وسقوط نصف السعاية عن العبد ، ولا يجوز له أن يقضي بوجوب ما تيقن سقوطه ، كمن طلق إحدى نسائه الأربع قبل الدخول ثم مات قبل أن يبين سقط نصف الصداق للتيقن به وإن كان المقضي عليها منهن مجهولا ، ولكن لما كان المقضي له معلوما جاز القضاء به فهنا أيضا المقضي له بسقوط نصف السعاية عنه معلوم ، وهو العبد فيجوز القضاء به وإن كان المقضي عليه مجهولا بخلاف العبدين ، فإن الجهالة هناك في المقضي له والمقضي عليه جميعا فيمتنع القضاء لتفاحش الجهالة ، وبخلاف ما لو شهد كل واحد منهما على صاحبه بالعتق ; لأن هناك لم يتيقن بسقوط شيء من السعاية عن العبد لجواز أن يكونا كاذبين في شهادتهما ، وهنا تيقنا بسقوط نصف السعاية ; لأن أحد الموليين حانث لا محالة . كان بينهما عبدان سالم ، وبزيغ ، فقال أحدهما : إن دخلت المسجد اليوم فسالم حر
ثم تخريج المسألة على قول أن العبد يسعى في نصف قيمته بينهما نصفين موسرين كانا ، أو معسرين ، أو كان أحدهما موسرا ، والآخر معسرا ; لأنه ليس أحدهما بإسقاط حقه في السعاية بأولى من الآخر ، ويسار المعتق عنده لا يمنع وجوب السعاية على العبد فيتوزع الساقط عليهما نصفين ، ويكون الباقي ، وهو نصف القيمة بينهما نصفان ، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كانا معسرين فكذلك الجواب ، وإن كانا موسرين لم يسع لواحد منهما في شيء ; لأن كل واحد منهما يدعي الضمان على شريكه ، ويتبرى من السعاية فإن يسار المعتق عنده يمنع وجوب السعاية ، وإن كان أحدهما موسرا ، والآخر معسر يسعى في ربع قيمته للموسر منهما ; لأن المعسر يتبرأ من السعاية ، والموسر يقول شريكي معتق ، وهو معسر فلي حق استسعاء العبد فلهذا يسعى له في ربع قيمته ، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كانا معسرين يسعى في جميع قيمته بينهما نصفان ، وإن كانا موسرين لا يسعى لواحد منهما ; لأن كل [ ص: 119 ] واحد منهما تبرأ من السعاية فإن يسار المعتق عنده يمنع وجوب السعاية ، وإن كان أحدهما موسرا ، والآخر معسرا يسعى في نصف قيمته للموسر منهما ; لأنه يدعي السعاية عليه ، ولا يسعى للمعسر في شيء ; لأنه يتبرأ من السعاية ، ويدعي الضمان على شريكه فعليه إثباته بالحجة . محمد