الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا حلف لا يقربها سنة إلا يوما لم يكن موليا عندنا . وقال زفر رحمه الله تعالى هو مول ; لأن اليوم المستثنى من آخر [ ص: 26 ] السنة كما في الإجارة ، والآجال ، وهو لا يملك قربانها في المدة إلا بكفارة تلزمه ، والدليل عليه أنه لو قال سنة بنقصان يوم كان موليا فكذلك إذا قال : إلا يوما . ولكنا نقول : استثنى يوما منكرا فما من يوم بعد يمينه إلا ويمكنه أن يجعله اليوم المستثنى فيقربها من غير أن يلزمه شيء والذي قال إن اليوم من آخر السنة غير صحيح ; لأن المستثنى منكر فلو جعلناه من آخر السنة لم يكن منكرا ، وتغيير كلامه من غير حاجة لا يجوز ، وفي الآجال والإجارة دعت الحاجة إلى ذلك ; لأنا لو جعلنا اليوم منكرا فيهما لم يصح العقد للجهالة ، ولا يحصل المقصود ، وهو تأخر المطالبة ، والتمكن من استيفاء المنفعة ، وهنا لا حاجة ; لأن الجهالة لا تمنع انعقاد اليمين فلهذا جعلنا اليوم المستثنى منكرا كما نكره بخلاف قوله بنقصان يوم ; لأن النقصان لا يكون إلا من آخر المدة ، وذلك تنصيص على أن يكون المستثنى آخر يوم من السنة ، فإذا ثبت أنه ليس بمول عندنا قلنا إذا قربها في يوم فهذا اليوم هو اليوم المستثنى فلا يكون موليا حتى يمضي ذلك اليوم ثم ينظر بعد مضيه فإن كان الباقي من السنة أربعة أشهر أو أكثر ، فهو مول وإن كان الباقي دون أربعة أشهر فليس بمول ; لأن الاستثناء قد ارتفع وصارت اليمين مطلقة في بقية المدة ، وكذلك لو قال : والله لا أقربك سنة إلا مرة لم يكن موليا ; لأنه متمكن من قربانها بسبب الاستثناء من غير أن يلزم شيء فإذا قربها مرة ارتفع الاستثناء ، وصارت اليمين مطلقة ، فإن بقي بعد فراغه من الجماع من السنة أربعة أشهر أو أكثر ، فهو مول ، وإن كان الباقي دون ذلك لم يكن موليا فإن وصل قوله إن شاء الله بيمينه ، لم يكن موليا ; لأن الاستثناء يخرج الكلام من أن يكون عزيمة ، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ، وإن اشترط مشيئتها ومشيئة فلان فهو على المجلس ، وقد بينا نظيره في الظهار .

التالي السابق


الخدمات العلمية