الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا شهد للمرأة ابناها على زوجها أنه قذفها لم تجز شهادتهما ; لأنهما يشهدان لأمهما ، وكذلك لو شهد أب المرأة ، وابن لها ، وكذلك لو شهد لها رجل ، وامرأتان بالقذف لم يجز ; لأن هذا حد فلا تجوز شهادة النساء في الحدود هكذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم ، وكذلك لا تجوز الشهادة على الشهادة في هذا ; لأن في كلا النوعين ضرب شبهة ، والحد لا يثبت مع الشبهة ولكن في هذا التعليل كلام ، فإن عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف - رحمهما الله تعالى - : اللعان شهادة فيه معنى اليمين ، وعند محمد رحمه الله تعالى : يمين فيه معنى الحد وفائدة هذا الاختلاف فيما إذا عزل القاضي أو مات بعد اللعان قبل التفريق عندهما القاضي الثاني يستقبل اللعان ; لأنها شهادة لم يتصل بها الحكم ، وعند محمد رحمه الله تعالى لا يستقبله ; لأنها يمين في معنى الحد ، واليمين ، والحد إذا أمضاهما القاضي لا يستقبلهما قاض آخر .

واستدل محمد رحمه الله تعالى بقوله : صلى الله عليه وسلم { لولا الأيمان التي سبقت لكان لي ، ولها شأن } ; ولأن في كلمات اللعان قوله بالله ، وهذا يمين ويستوي في اللعان الرجال والنساء ، ولا مساواة [ ص: 56 ] بينهما في الشهادة وأبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله تعالى - استدلا بقوله تعالى : { فشهادة أحدهم } ولأنه يختص بمجلس القضاء ، ولفظ الشهادة فيكون شهادة فيها معنى اليمين لقوله بالله ولهذا سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينا ، وفي بعض الروايات ( لولا الشهادات التي سبقت ) وفي الشهادة على الولادة يستوي فيه الرجال والنساء حتى تقبل شهادة امرأة ، واحدة لأجل الحاجة فهنا كذلك ثم على قول محمد رحمه الله تعالى هذا التعليل واضح ; لأن في اللعان معنى الحد ، فأما على قولهما معنى هذا التعليل أن قذف زوجته قد يكون موجبا للحد إذا تعذر اللعان بسبب من جهته فلهذا لا يثبت بالحجة التي فيها شبهة .

التالي السابق


الخدمات العلمية