( فإن حلف على ترك واجب أو فعل حرام عصى ) بالحلف ، نعم لا يعصي من حلف على ترك واجب على الكفاية لم يتعين عليه أو يمكن سقوطه كالقود يسقط بالعفو كما بحثهما البلقيني واستدل لثانيهما بقول أنس بن النضر : والله لا تنكسر ثنية الربيع ، ( ولزمه الحنث ) ؛ لأن الإقامة على هذه الحالة معصية ( وكفارة ) ، ومثله لو حلف بالطلاق ليصومن العيد فيلزمه الحنث ويقع عليه الطلاق ، لكن مع غروبه لاحتمال موته قبله ، ولو كان له طريق غير الحنث كلا ينفق على زوجته لم يلزمه إذ يمكنه إعطاؤها من صداقها [ ص: 14 ] أو قرضها ثم إبراؤها ( أو ) على ( ترك مندوب ) كنافلة ( أو فعل مكروه ) كاستعمال متشمس ( سن حنثه وعليه كفارة ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال : { من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه } رواه الشيخان ، وإنما { أقر صلى الله عليه وسلم الأعرابي على قوله : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص } ؛ لأن يمينه تضمنت طاعة وهو امتثال الأمر ( أو ) على فعل مندوب أو ترك مكروه كره حنثه ، أو على ( ترك مباح أو فعله ) كدخول دار وأكل طعام كلا تأكله أنت وكلا آكله أنا ، وقول البغوي يسن الأكل في الثانية ضعيف ، وذكر لا تأكله أنت هو ما وقع لشارح ، وهو غفلة عما مر أنه يندب إبرار الحالف بشرطه ، ( فالأفضل ترك الحنث ) إبقاء لتعظيم الاسم ، نعم إن كان من شأنه تعلق غرض ديني بفعله أو تركه كلا يأكل طيبا أو لا يلبس ناعما فإن قصد التأسي بالسلف أو الفراغ للعبادة فهي طاعة فيكره الحنث فيها ، وإلا فهي مكروهة فيندب فيها الحنث ، ( وقيل ) : الأفضل ( الحنث ) لينتفع المساكين بالكفارة .
وبحث الأذرعي أنه لو كان في عدم الحنث أذى للغير كأن حلف لا يدخل أو لا يأكل أو لا يلبس كذا ، ونحو صديقه يكرهه ، كان الأفضل الحنث قطعا . ( تنبيه )
قال الإمام لا يجب اليمين مطلقا ، واعترضه الشيخ عز الدين بوجوبها فيما لا يباح بالإباحة كالنفس والبضع إذا تعينت للدفع عنه ، قال : بل الذي أراه وجوبها لدفع يمين خصمه الغموس على مال ، وإن أبيح بالإباحة ا هـ . والأوجه في الأخير عدم الوجوب .


