الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو دينا ) حالا ( على غير ممتنع من الأداء طالبه ) ليؤدي ما عليه ( ولا يحل أخذ شيء له ) ؛ لأن له الدفع من أي ماله شاء فإن أخذ شيئا لزمه رده وضمنه إن تلف ما لم يوجد شرط التقاص ( أو على منكر ) أو من لا يقبل إقراره على ما بحثه البلقيني ورد بقول مجلي من له مال على صغير لا يأخذ جنسه من ماله اتفاقا ا هـ ويجاب بحمل هذا إن صح على ما إذا كان له بينة يسهل بها خلاص حقه ( ولا بينة ) له عليه أو له بينة وامتنعوا أو طلبوا منه ما لا يلزمه أو كان قاضي محله جائرا لا يحكم إلا برشوة فيما يظهر في الأخيرتين ( أخذ جنس حقه من ماله ) ظفرا لعجزه عن حقه إلا بذلك فإن كان مثليا أو متقوما أخذ مماثله من جنسه لا من غيره .

                                                                                                                              ( وكذا غير جنسه ) أي : غير جنس حقه ولو أمة ( إن فقده ) أي : جنس حقه ( على المذهب ) للضرورة نعم إن وجد نقدا تعين ولو أنكر كون ما وجده ملكه [ ص: 289 ] لم يجز أخذه قطعا ولو كان المدين محجورا عليه بفلس أو ميتا وعليه دين لم يأخذ إلا قدر حصته بالمضاربة إن علمها أي : وإلا احتاط ( أو على مقر ممتنع ) ولو مماطلا ( أو منكر وله بينة فكذلك ) له الاستقلال بأخذ حقه لما في الرفع من المؤنة والمشقة ( وقيل يجب الرفع إلى قاض ) لإمكانه وأطال جمع في الانتصار له وخرج باستحق عينا الزكاة ؛ لأنها وإن تعلقت بعين المال شائعة فيه كما مر فإذا امتنع المالك من أدائها لم يكن للمستحقين وإن انحصروا إذا ظفروا بجنسها من ماله الظفر بها لتوقف إجزائها على النية وقضيته أنهم لو علموه عزل قدرها ونواها به جاز للمحصورين الظفر حينئذ والوجه خلافه ؛ لأنه لا يتعين للزكاة بذلك إذ له الإخراج من غيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا برشوة ) يحتمل تقييدها بما لا يحتملها عادة مثله في جنب ذلك الحق . ( قوله في المتن : أخذ جنس حقه من ماله ظفرا لعجزه عن حقه إلا بذلك ) ولو ادعى من أخذ من ماله على الظافر أنه أخذ من ماله كذا فقال ما أخذت فأراد استحلافه كان له أن يحلف أنه ما أخذ من ماله شيئا ولو كان مقرا لكن يدعي تأجيله كذبا ولو حلف لحلف فللمستحق الأخذ من ماله مما يظفر به أو كان مقرا لكنه ادعى الإعسار وأقام البينة أو صدق بيمينه ورب الدين يعلم له مالا كتمه فإن لم يقدر على بينة فله الأخذ منه ولو جحد قرابة من تلزمه نفقته أو ادعى العجز عنها كاذبا أو أنكر الزوجية فعلى التفصيل الذي قررناه لكنه إنما يأخذ قوت يوم بيوم مما يظفر به ش م ر . ( قوله : أو متقوما ) أي : كأن وجب له في ذمته ثوب أو حيوان موصوف بوجه شرعي أما لو غصب منه متقوما وأتلفه أو تلف في يده مثلا فالواجب قيمته فهو من باب المثلي كما هو ظاهر . ( قوله : إن فقده ) ينبغي ولو حكما بأن لم يمكن التوصل إلى الجنس . ( قوله : نعم إن وجد نقدا تعين ) كتب عليه [ ص: 289 ] م ر .

                                                                                                                              ( قوله : وله بينة ) راجع للصورتين ولهذا عبر في المنهج وشرحه بقوله أو على ممتنع مقرا كان أو منكرا أخذا من ماله وإن كان له حجة ا هـ . ( قوله : لتوقف إجزائها على النية ) يفيد أنه مع ملك المحصورين لا بد في الإجزاء من النية فتأمله . ( قوله : والوجه خلافه إلخ ) تقدم في هامش ( فصل ) تجب الزكاة على الفور عن فتوى شيخنا الشهاب الرملي أنه لو نوى الزكاة مع الإفراز فأخذها صبي أو كافر ودفعها لمستحقها أو أخذها المستحق لنفسه ثم علم المالك بذلك أجزأه وبرئت ذمته منها لوجود النية من المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله ويملكها المستحق لكن إذا لم يعلم المالك بذلك وجب عليه إخراجها ا هـ . وهو خلاف ما استوجهه الشارح وقد قدم في ذلك الفصل نقل ما أفتى به شيخنا عن بعضهم ورده بما أشرنا في هوامشه إلى البحث معه فيه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : حالا ) إلى قول المتن أو على منكر في المغني . ( قوله : شرطه التقاص ) وهو اتفاق الحقين روض ومغني . ( قوله : أو من لا يقبل إقراره ) أي : كالصبي ع ش . ( قوله : على ما بحثه البلقيني ) عبارة النهاية كما بحثه إلخ . ( قوله : بحمل هذا ) أي : قول محلي . ( قوله : لا يحكم إلا برشوة ) أي : وإن قلت ع ش . ( قوله : برشوة ) ويظهر أو بزيادة مشقة تردد وإضاعة أوقات على خلاف المعتاد في القضاة العدول . ( قوله : في الأخيرتين ) أي : قوله : أو طلبوا إلخ وقوله : أو كان قاضي محله إلخ . ( قول المتن أخذ جنس حقه إلخ ) ولو ادعى من أخذ من ماله على الظافر أنه أخذ من ماله كذا فقال ما أخذت فأراد استحلافه كان له أن يحلف أنه ما أخذ من ماله شيئا ولو كان مقرا لكن يدعي تأجيله كذبا ولو حلف حلف فللمستحق الأخذ من ماله مما يظفر به أو كان مقرا لكنه ادعى الإعسار وأقام بينة أو صدق بيمينه ورب الدين يعلم له مالا كتمه فإن لم يقدر على بينة فله الأخذ منه ولو جحد قرابة من تلزمه نفقته أو ادعى العجز عنها كاذبا أو أنكر الزوجية فعلى التفصيل الذي قررناه لكنه إنما يأخذ قوت يوم بيوم مما يظفر به شرح م ر ا هـ سم قال ع ش قوله : كان له أن يحلف إلخ ينبغي أن ينوي أنه لم يأخذه من ماله الذي لا يستحق الأخذ منه ، ثم رأيت في شرح الروض ما نصه فللمدعى عليه أن يحلف أنه لم يأخذ شيئا من ماله بغير إذنه وينوي بغير استحقاق ولا يأثم بذلك انتهى . وقوله : فله الأخذ منه أي : من ماله المكتوم أو غيره . وقوله : ولكنه إنما يأخذ قوت يوم إلخ هذا واضح إن غلب على ظنه سهولة الأخذ في اليوم الثاني مثلا وإلا فينبغي أن يأخذ ما يكفيه مدة يغلب على ظنه عدم سهولة الأخذ فيها ووقع السؤال في الدرس عما يقع كثيرا في قرى مصر من إكراه الشاد مثلا أهل قرية على عمل للملتزم المستولي على القرية هل الضمان على الشاد أو على الملتزم أو عليهما ؟ والجواب عنه أن الظاهر أنه على الشاد لأن الملتزم لم يكرهه على إكراههم فإن فرض من الملتزم إكراه للشاد فكل من الشاد والملتزم طريق في الضمان وقراره على الملتزم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو متقوما ) أي : كأن وجب له في ذمته ثوب أو حيوان موصوف بوجه شرعي أما لو غصب منه متقوما وأتلفه أو تلف في يده مثلا فالواجب قيمته فهو من باب المثلي كما هو ظاهر سم على حج ا هـ رشيدي . ( قوله : ولو أمة ) وينبغي كما قال الأذرعي تقديم أخذ غير الأمة عليها احتياطا للأبضاع مغني وأسنى . ( قول المتن إن فقده ) ينبغي ولو حكما بأن لم يمكن التوصل إلى الجنس سم . ( قوله : أي : جنس حقه ) إلى قوله وقضيته في المغني إلا قوله ولو أنكر إلى ولو كان المدين وقوله : أي : وإلا احتاط وقوله : وأطال جمع في الانتصار . ( قوله : ولو أنكر إلخ ) أي : الدائن عبارة النهاية ومحله إذا كان الغريم مصدقا أنه ملكه فلو كان منكرا كونه ملكه لم يجز له أخذه وجها واحدا ا هـ قال الرشيدي قوله : مصدقا لعله بمعنى معتقدا ا هـ . ورجع ع ش الضمير للمدين فقال قوله : ولو أنكر إلخ أي : وإن كان متصرفا فيه تصرف الملاك لجواز أنه مغصوب وتعدى [ ص: 289 ] بالتصرف فيه أو أنه وكيل عن غيره ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : لم يجز أخذه إلخ ) معتمد ع ش . ( قوله : وإلا احتاط ) أي : فيأخذ ما يتيقن أنه لا يزيد على ما يخصه ع ش . ( قول المتن وله بينة ) راجع للصورتين سم . ( قوله : له الاستقلال بأخذ حقه ) لكن من جنس ذلك الدين إن وجده ومن غيره إن فقده مغني وروض . ( قوله : كما مر ) أي : في باب الزكاة . ( قوله : لتوقف إجزائها على البينة ) حتى لو مات من لزمته الزكاة لم يجز الأخذ من تركته لقيام وارثه مقامه خاصا كان أو عاما ع ش وكتب عليه سم أيضا ما نصه : يفيد أنه مع ملك المحصورين لا بد في الإجزاء من النية فتأمله ا هـ . وكذا الرشيدي ما نصه : قد يؤخذ من هذا كالذي بعده أو الكلام في الزكاة ما دامت متعلقة بعين المال أما لو انتقل تعلقها للذمة بأن تلف المال الذي تعلقت بعينه فظاهر أنه تصير كسائر الديون فيجري فيها حكم الظفر هكذا ظهر فليراجع ا هـ . وفيه نظر ظاهر . ( قوله : وقضيته ) أي : التعليل . ( قوله : أنهم لو علموه عزل قدرها ونواها به ) عبارة النهاية أنه لو عزل قدرها ونوى وعلموا ذلك ا هـ . ( قوله : الظفر ) أي : أخذها بالظفر نهاية . ( قوله : والوجه خلافه إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني . ( قوله : والوجه خلافه إلخ ) تقدم في هامش فصل تجب بالزكاة على الفور عن فتوى شيخنا الشهاب الرملي أنه لو نوى الزكاة مع الإفراز فأخذها صبي أو كافر ودفعها لمستحقها أو أخذها المستحق لنفسه ثم علم المالك بذلك أجزأه وبرأت ذمته منها لوجود النية من المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله ويملكها المستحق لكن إذا لم يعلم المالك بذلك وجب عليه إخراجها انتهى . وهو خلاف ما استوجهه الشارح سم على حج أقول : وقد يقال ما ذكره الشارح هنا لا ينافي الفتوى المذكورة لجواز أن ما هنا في مجرد عدم جواز أخذ المستحق لما علل به من أن المالك له إبدال ما ميزه للزكاة وهذا لا يمنع من ملك المستحق حيث أخذه بعد تمييز المالك ونيته وإن أثم بالأخذ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية