الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن حلف لا يدخل دارا ) عينها ، ومثلها فيما ذكر كما بحثه الأذرعي نحو المدرسة والرباط أي والمسجد ( حنث بدخول دهليز ) بكسر الدال ، وإن طال كما اقتضاه إطلاقهم ، وبحث الزركشي في مفرط الطول عدم الحنث بدخوله ؛ لأنه بمنزلة الرحبة قدام الباب يرد بمنع كونه بمنزلتها مطلقا لإطباق أهل العرف على أن الجالس فيه يسمى جالسا بدار فلان بخلاف الجالس في تلك الرحبة ( داخل الباب أو بين بابين ) ؛ لأنه حينئذ من الدار ومحله إن لم يكن فيه باب دار أخرى ، وإلا فهل ينسب إليهما معا ؛ لأن المالكين لما جعلا عليه بابا صار منسوبا عرفا لكل منهما أو لا ينسب لواحدة منهما محل نظر

                                                                                                                              ثم رأيت ما يأتي في الدرب أمام الباب المسقف الذي عليه باب وهو يشمل هذا فيعطى حكمه الآتي ( لا بدخول طاق ) معقود ( قدام الباب ) ؛ لأنه ليس منها عرفا ، وإن كان مبنيا على تربيعها ويدخل في بيعها إذ هو ثخانة [ ص: 27 ] لحائط المعقود له قدام أبواب دور الأكابر ، نعم إن جعل عليه باب حنث بدخوله ولو غير مسقف كما شمله قول المتن أو بين بابين ونقلاه عن المتولي وأقراه ، وعبارتهما وجعل المتولي الدرب المختص بالدار أمام الباب إذا كان داخلا في حد الدار ولم يكن في أوله باب كالطاق قال : فإن كان في أوله باب فهو من الدار مسقفا كان أو غيره انتهت ، واستبعده الأذرعي في غير المسقف واستشكله الزركشي بأن العرف لا يعده منها مطلقا ويرد بمنع ذلك مع وجود الباب ؛ لأنه يصيره منها

                                                                                                                              وإن لم يدخل في حدودها ، بل ولا اختص بها بناء على أن ضمير قوله فإن كان في أوله باب لمطلق الدرب لا بقيد المختص وما بعده وهو محتمل ؛ لأن المدار على قرينة تجعله منسوبا لتلك الدار ، والباب كذلك بالنسبة لكل دار تأخرت عنه ، ولا يحنث بدخول إصطبل خارج عن حدودها ، وكذا إن دخل فيها وليس فيه باب إليها ، ( ولا ) بدخول بستان بلصقها إن لم يعد من مرافقها ، ولا ( بصعود سطح غير محوط ) من خارجها ؛ لأنه ليس من داخلها لغة ولا عرفا ، وبه يعلم أنه لو حلف لا يخرج منها فصعده حنث أو ليخرجن فصعده بر .

                                                                                                                              ( وكذا محوط ) من الجوانب الأربعة بحجر أو غيره ( في الأصح ) لما ذكر ، نعم إن كان مسقفا كله أو بعضه ودخل تحت السقف كما أخذه البلقيني من كلام الماوردي حنث إن كان يصعد إليه منها ؛ لأنه كبيت منها ولا يشكل على ما تقرر صحة الاعتكاف على سطح المسجد مطلقا ؛ لأنه منه شرعا حكما لا تسمية وهو المناط ثم لا هنا ، ( ولو أدخل يده أو رأسه أو رجله ) أو رجليه غير معتمد ( لم يحنث ) ؛ لأنه لا يسمى داخلا ( فإن وضع رجليه فيها معتمدا عليهما ) أو رجلا واحدة واعتمد عليها وحدها بأن كان لو رفع الأخرى لم يقع وباقي بدنه خارج ( حنث ) ؛ لأنه يسمى داخلا بخلاف ما إذا لم يعتمد كذلك كأن اعتمد على الداخلة والخارجة معا ولو أدخل جميع بدنه ، لكن لم يعتمد على شيء منهما لتعلقه بنحو حبل حنث أيضا .

                                                                                                                              يقاس بذلك الخروج ولو تعلق بغصن شجرة في الدار ، فإن أحاط [ ص: 28 ] به بناؤها بأن علا عليه حنث وإلا فلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : خارج عن حدودها ) ظاهره وإن كان فيها ، وكذا قوله بستان إلخ . ( قوله : ولا بصعود سطح إلخ ) يقيد مع قوله السابق أي : والمسجد عدم الحنث بصعود سطح المسجد إذا حلف لا يدخل المسجد ، وإن صح الاعتكاف عليه . ( قوله ودخل تحت السقف ) لم يقيد به م ر [ ص: 28 ] قوله : بأن علا عليه ) أو ساواه كما يشمله تعبير الروض وشرحه بقولهما : ولو تعلق بغصن شجرة في الدار وأحاط به البنيان بحيث لا يرتفع بعضه عن البنيان حنث لا إن ارتفع بعضه عنه فلا يحنث ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله عينها ) إلى المتن في النهاية ( قوله عينها ) الظاهر أنه إنما قيد به لأجل قول المصنف الآتي : ولو انهدمت إلخ كما يعلم مما يأتي فيه ا هـ رشيدي . ( قوله : ومثلها ) أي : الدار ، وقوله : فيما ذكر أي : من الحنث بدخول دهليز إلخ . ( قوله أي : والمسجد ) تفسير لنحو المدرسة إلخ ( قوله : مطلقا ) أي : سواء كان الدهليز مفرط الطول أم لا . ( قول المتن داخل الباب ) أي الذي لا ثاني بعده فهو بين الباب والدار ا هـ مغني وبذلك يندفع اعتراض ع ش بما نصه قوله : أو بين بابين لو عبر بقوله ولو بين بابين كان أوضح ؛ لأن التعبير بما ذكر يقتضي أن التقدير أو لم يكن داخل الباب ، لكن كان بين بابين ومعلوم أن هذا غير مراد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو لا ينسب إلخ ) هذا الاحتمال قضية ما يأتي عن شرح الروض في الدرب الغير المختص ا هـ سيد عمر . ( قوله : ما يأتي ) أي : آنفا عن المتولي . ( قوله : المسقف ) نعت ثان للدرب . ( قوله : حكمه الآتي ) أي : من الحنث ويأتي ما فيه . ( قوله : معقود ) إلى قوله : ونقلاه في النهاية ( قوله : إذ هو إلخ ) أي : الطاق [ ص: 27 ] المعقود ا هـ . ع ش عبارة المغني وفسر الرافعي الطاق بالمعقود خارج الباب وهو ما يعمل لبعض أبواب الأكابر ا هـ . ( قوله : المعقود له ) أي : على الحائط فاللام بمعنى على ( قوله : نعم ) إلى قوله وعبارتهما في المغني إلا قوله : شمله إلى نقلاه ( قوله : عليه ) أي : الطاق ( قوله كالطاق ) أي : في عدم الحنث بدخوله ( قوله انتهت ) أي : عبارة الشيخين . ( قوله واستبعده ) أي : قول المتولي فإن كان إلخ ، وكذا ضمير واستشكله . ( قوله واستشكله ) إلى قوله : وإن لم يدخل في المغني وإلى المتن في النهاية إلا قوله : بناء إلى ولا يحنث . ( قوله : مطلقا ) أي : مسقفا كان أم لا ، جعل عليه باب أم لا ا هـ ع ش . ( قوله : ويرد ) أي : الزركشي ( قوله : بمنع ذلك إلخ ) أي : أن العرف لا يعده إلخ . ( قوله : لأنه ) أي الباب ( قوله : وإن لم يدخل في حدودها ) في شرح الروض التصريح بخلافه وهو قضية كلام المتولي المحكي في أصل الروضة ، وقوله : بل ولا اختص إلخ في شرح الروض أيضا التصريح بخلافه أخذا مما أشير إليه ، وقوله : وهو محتمل لكنه احتمال بعيد نقلا ومعنى فليتأمل ا هـ سيد عمر . ( قوله : خارج عن حدودها ) ظاهره وإن كان فيها ، وكذا قوله : بستان إلخ ا هـ . سم وفي دعوى الظهور نظر ظاهر ( قوله : إن دخل فيها ) أي : في حدودها ا هـ ع ش . ( قوله : باب إليها ) أي : إلى الدار ( قول المتن ولا بصعود سطح إلخ ) يفيد مع قوله السابق أي : والمسجد عدم الحنث بصعود سطح المسجد إذا حلف لا يدخل المسجد ، وإن صح الاعتكاف عليه ا هـ سم . ( قوله : من خارجها ) متعلق بصعود فكان الأولى تقديمه على غير محوط كما في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله : ليس من داخلها لغة إلخ ) ؛ ولأنه حاجز يقي الدار الحر والبرد فهو كحيطانها ا هـ مغني . ( قوله : من الجوانب ) إلى قوله : ولا يشكل في المغني إلا قوله : ودخل إلى حنث وإلى قول المتن ولو أدخل في النهاية إلا قوله : المذكور ( قوله : من الجوانب الأربعة ) فإن كان من جانب لم يؤثر قطعا ا هـ نهاية . ( قوله لما ذكر ) هو وقوله : لأنه ليس من داخلها لغة ولا عرفا ا هـ ع ش . ( قوله ودخل تحت السقف ) لم يقيد به م ر ا هـ . سم أي : والمغني عبارته محل الخلاف إذا لم يكن السطح مسقفا كله أو بعضه وإلا حنث قطعا إذا كان يصعد إليه من الدار ؛ لأنه من أبنيتها كما ذكره في الروضة ونازع البلقيني فيما إذا كان المسقف بعضه ودخل في المكشوف وقال : إن مقتضى كلام الماوردي عدم الحنث ويرد ذلك التعليل المذكور ا هـ . وعبارة ع ش قوله : حنث ، سواء دخل تحت السقف أو لا على المعتمد شيخنا الزيادي خلافا لابن حجر ا هـ . ( قوله : إن كان يصعد إليه إلخ ) ولو حلف لا يخرج منها فصعد سطحها لم يحنث إن كان مسقفا كله أو بعضه ونسب إليه بأن كان يصعد إليه منها وإلا حنث ، ومثل ذلك في التفصيل المذكور ما لو قال : لا أسكنها أو لا أنام فيها أو نحو ذلك ومكث بسطحها . وصورة المسألة أن يكون بالسطح وقت الحلف أو في غيره ولم يتمكن من الخروج وإلا حنث لما مر أنه لو عدل لباب السطح حنث ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : على ما تقرر ) أي : من التفصيل ( قوله : مطلقا ) أي : سقف أو لا ا هـ ع ش . ( قوله وهو ) أي : قوله : شرعا ا هـ ع ش . ( قوله : أو رجلا ) إلى قوله : وكالساحة في النهاية إلا العزو في محلين ، وكذا في المغني إلا قوله : ويقاس بذلك الخروج . ( قوله وباقي بدنه إلخ ) راجع إلى المتن والشرح معا . ( قوله : ولو أدخل ) إلى المتن عبارة المغني ولو تعلق بحبل أو جذع في هوائها وأحاط به بنيانها حنث ، وإن لم يعتمد على رجليه ولا إحداهما [ ص: 28 ] ؛ لأنه يعد داخلها فإن ارتفع بعض بدنه عن بنيانها لم يحنث ا هـ . ( قوله : به ) أي : بالشخص ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : بأن علا عليه ) أي : أو ساواه كما يشمله تعبير الروض وشرحه بقولهما : وأحاط به البنيان بحيث لا يرتفع بعضه عن البنيان حنث لا إن ارتفع بعضه عنه فلا يحنث انتهى ا هـ . سم وتقدم عن المغني مثل ذلك التعبير ويوافقه أيضا تعبير النهاية بما نصه فإن لم يعل عليه حنث وإلا فلا ا هـ . أي : إن لم يعل الشخص على البناء بأن كان مساويا له أو دونه حنث ، وإن كان الشخص أعلى من البناء فلا حنث ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية