الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ادعى شخص على معزول ) أي : ذكر للقاضي وسماه دعوى تجوزا ؛ لأنها إنما تكون بعد حضوره ( أنه أخذ ماله برشوة ) أي : على سبيل الرشوة كما بأصله وهي أولى ؛ لإيهام الأولى أن الرشوة سبب مغاير للأخذ وليس كذلك إلا أن يجاب بأن المراد من الرشوة لازمها أي : بباطل ( أو شهادة عبدين مثلا ) وأعطاه لفلان ومذهبه أنه لا تجوز شهادتهما ( أحضر وفصلت خصومتهما ) لتعذر إثبات ذلك بغير حضوره ، وله أن يوكل ولا يحضر قالا : ومن حضر لجديد وتظلم من معزول لم يحضره قبل استفصاله عن دعواه ؛ لئلا يقصد ابتذاله ( وإن قال : حكم بعبدين ) [ ص: 128 ] أو نحو فاسقين قال ابن الرفعة : أي وهو يعلم ذلك وأنه لا يجوز وأنا أطالبه بالغرم . وقال غيره : لا يحتاج لذلك وإنما سمعت هذه الدعوى مع أنها ليست على قواعد الدعاوى الملزمة ؛ إذ ليست بنفس الحق ؛ لأن القصد منها التدرج إلى إلزام الخصم ( ولم يذكر مالا أحضر ) ليجيب عن دعواه ( وقيل : لا ) يحضره ( حتى تقوم بينة بدعواه ) ؛ لأنه كان أمين الشرع . والظاهر من أحكام القضاة جريانها على الصحة فلا يعدل عن الظاهر إلا ببينة ؛ صيانة لولاة المسلمين عن البذلة . ويرد بأن هذا الظاهر ، وإن سلم لا يمنع إحضاره لتبين الحال ( فإن حضر ) بعد البينة ، أو من غير بينة ( وأنكر ) بأن قال : لم أحكم عليه أصلا ، أو لم أحكم إلا بشهادة حرين عدلين ( صدق بلا يمين في الأصح ) صيانة عن الابتذال ، ومن ثم صوبه جمع متأخرون منهم الزركشي قال : وهذا فيمن عزل مع بقاء أهليته فأما من ظهر فسقه وجوره وعلمت خيانته فالظاهر أنه يحلف قطعا وسبقه إليه الأذرعي كما يأتي ( قلت الأصح ) أنه لا يصدق إلا ( بيمين والله أعلم ) لعموم خبر { ، واليمين على من أنكر } ولأن غايته أنه أمين ، وهو كالوديع لا بد من حلفه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أي : المصنف ولو ادعى شخص على معزول أنه أخذ ماله برشوة إلخ ما ذكره المتن فيه ) زاد التنبيه ما نصه : وإن قال : جار علي في الحكم نظر فإن كان في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد ووافق رأيه لم ينقضه ، وإن خالفه ففيه قولان : أحدهما ينقضه ، والثاني لا ينقضه . ا هـ . وقوله : لا يسوغ فيه الاجتهاد أي : بأن خالف النص ، والإجماع ، أو القياس الجلي ونحوه كما قرره ابن النقيب ، وإن كان يسوغ فيه الاجتهاد قال ابن النقيب : كثمن الكلب وضمان خمر الذمي [ ص: 128 ] وقوله : والثاني لا ينقضه هو الأصح . ( قوله : بعد البينة ) هذا تصريح بأنه مع البينة هو المصدق ، لكن هذا ؛ لأن البينة أقيمت قبل حضوره فلو أقيمت بعد حضوره بشرطها قبلت ولم يلتفت لقوله : كما هو ظاهر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي ذكر ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله : ومن ثم إلى قال : وهذا قوله وبما قررت إلى المتن . ( قوله : وسماه ) أي : الإخبار للقاضي ( قوله : بعد حضوره ) أي : المعزول ( قول المتن : برشوة ) هي بتثليث الراء ما يبذل له ليحكم بغير الحق ، أو ليمتنع من الحكم بالحق أسنى ومغني ( قوله : إلا أن يجاب بأن المراد إلخ ) إنما صدر الجواب بإلا المشعرة ببعده لما تقرر أن المراد لا يدفع الإيراد على أنه لا يرد أولوية تعبير المحرر ، ثم رأيت قال الرشيدي : قوله : إلا أن يجاب إلخ لا يخفى أن ما ذكره لا يدفع الأولوية ، والإيهام قائم وغاية ما ذكره أنه تصحيح لعبارة المصنف لا دافع للإيهام . ا هـ . ( قول المتن : مثلا ) أي : أو نحوهما ممن لا تقبل شهادته . ا هـ . مغني . ( قوله : وأعطاه إلخ ) عطف على أخذ . ا هـ . ع ش . ( قوله : وأعطاه ) إلى قوله : وبما قررت في المغني إلا قوله : وقال غيره إلى المتن وقوله : يرد إلى المتن وقوله ومن ثم إلى قال وهذا . ( قوله : ومذهبه ) أي : المعزول . ( قوله : وله أن يوكل إلخ ) وإذا حضر ، فإن أقيمت عليه بينة ، أو أقر حكم عليه ، وإلا صدق بيمينه كسائر الأمناء إذا ادعى عليهم خيانة . ا هـ . مغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يحضر ) فإذا حضر وكيله استؤنفت الدعوى . ا هـ . نهاية قال الرشيدي : لعله سقط لفظ ، أو قبل قول وكيله أي : فإذا حضر هو ، أو وكيله . ا هـ . ( قوله : قالا : ومن حضر إلخ ) عبارة النهاية وإنما يجب إحضاره إذا ذكر شيئا يقتضي المطالبة شرعا كما مثله فلو طلب إحضاره مجلس الحكم ولم يعين شيئا لم يجب إليه ؛ إذ قد لا يكون له حق وإنما يقصد ابتذاله بالخصومة . ا هـ . وعبارة المغني ( تنبيه )

                                                                                                                              لو حضر إنسان إلى القاضي الجديد وتظلم من المعزول وطلب إحضاره لم يبادر بإحضاره بل يقول : ما تريد منه ، فإن ذكر أنه يدعي عليه دينا ، أو عينا أحضره ولا يجوز إحضاره قبل تحقق الدعوى ؛ إذ قد لا يكون له إلخ . ( قوله : لئلا يقصد ابتذاله ) أي : بالحضور ا هـ مغني . ( قول المتن : حكم ) أي : القاضي [ ص: 128 ] على . ا هـ . مغني . ( قوله : أو نحو فاسقين ) أي : ممن لا يقبل شهادته . ا هـ . مغني ( قوله : أي : وهو يعلم إلخ ) أي وقال في دعواه : وهو إلخ . ا هـ . ع ش . ( قوله : وأنه لا يجوز ) يحتمل أنه من الجواز فالجملة معطوفة على قوله : ذلك ، ويحتمل أنه من التجويز فالجملة معطوفة على قوله : هو يعلم ذلك . ( قوله : بعد البينة ، أو من غير بينة ) عبارة المغني على الوجهين وادعى عليه . ا هـ . ( قوله : بعد البينة ) هذا تصريح بأنه مع البينة هو المصدق ، لكن هذا ؛ لأن البينة أقيمت قبل حضوره فلو أقيمت بعد حضوره بشرطها قبلت ولم يلتفت لقوله كما هو ظاهر . ا هـ . سم ويأتي عن ع ش مثله . ( قوله : وهذا ) أي الخلاف . ( قول المتن قلت الأصح إلخ ) قال الفارقي : ومحل الخلاف إذا عدم الشاهدان ، وإلا فينظر فيهما ليعرف حالهما قال الغزي : وهو متجه في العبيد دون الفسقة ؛ لأن الفسق قد يطرأ العدل . ا هـ . وهو ظاهر . ا هـ . مغني . ( قوله : أنه لا يصدق إلا بيمين ) ومعلوم أن محل ذلك حيث لم تقم بينة على ما ذكره المدعي ، وإلا قضى بها بلا يمين . ا هـ . ع ش . ( قوله : لا بد من حلفه ) وأما أمناؤه الذين يجوز لهم أخذ الأجرة إذا حوسب بعضهم فبقي عليه شيء فقال : أخذت هذا المال أجرة على عملي وصدقه المعزول لم ينفعه تصديقه ويسترد منه ما يزيد على أجرة المثل . ا هـ . نهاية أي : ثم إن كان له مالك معلوم دفع له ، وإلا فلبيت المال ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية