الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن استحق ) شخص ( عينا ) عند آخر بملك وكذا بنحو إجارة أو وقف أو وصية بمنفعة كما بحثه جمع أو ولاية كأن غصبت عين لموليه وقدر على أخذها ( فله أخذها ) مستقلا به ( إن لم يخف فتنة ) عليه أو على غيره كما هو ظاهر سواء أكانت يده عادية أم لا كأن اشترى مغصوبا لا يعلمه نعم من ائتمنه المالك كوديع يمتنع عليه أخذ ما تحت يده من غير علمه ؛ لأن فيه إرعابا له بظن ضياعها ومنه يؤخذ حرمة كل ما فيه إرعاب للغير ودليله أن { زيد بن ثابت نام في حفر الخندق فأخذ بعض أصحابه سلاحه فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم } من يومئذ ذكره في الإصابة لكن يشكل عليه ما رواه أحمد أن { أبا بكر خرج تاجرا ومعه بدريان نعيمان وسويبط فقال له أطعمني قال حتى يجيء أبو بكر فذهب لأناس ثم وباعه لهم موريا أنه قنه بعشر قلائص فجاءوا وجعلوا في عنقه حبلا وأخذوه فبلغ ذلك أبا بكر رضي الله عنه فذهب هو وأصحابه إليهم فأخذوه منهم ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فضحك هو وأصحابه من ذلك حتى بدا سنه } وقد يجمع بحمل النهي على ما فيه ترويع لا يحتمل غالبا كما في القصة الأولى والإذن على خلافه كما في الثانية ؛ لأن نعيمان الفاعل لذلك معروف بأنه مضحاك مزاح كما في الحديث ومن هو كذلك الغالب أن فعله لا ترويع فيه كذلك عند من يعلم بحاله ورواية ابن ماجه أن الفاعل سويبط لا تقاوم رواية أحمد السابقة فتأمل ذلك فإني لم أر من أشار لشيء منه مع كثرة المزاح بالترويع وقد ظهر أنه لا بد فيه من التفصيل الذي ذكرته ، ثم رأيت الزركشي قال في تكميله نقلا عن القواعد : إن ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزاح حرام وقد جاء في الحديث { لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا جادا } جعله لاعبا من جهة أنه أخذه بنية رده وجعله جادا ؛ لأنه روع أخاه المسلم بفقد متاعه ا هـ .

                                                                                                                              وما ذكرته أولى وأظهر كما هو واضح وفي نحو الإجارة المتعلقة بالعين يأخذ العين ليستوفي المنفعة منها وفي الذمة يأخذ قيمة المنفعة التي استحقها من ماله ويظهر من كلام بعضهم أنه لا يستأجر بها وقياس ما يأتي من شراء غير الجنس بالنقد أنه يستأجر ويظهر أنه يلزمه الاقتصار على ما يتيقن أنه قيمة لتلك المنفعة أو يسأل عدلين يعرفانها ويعمل بقولهما ( وإلا ) بأن خاف فتنة أي : مفسدة تفضي إلى محرم كأخذ ماله لو اطلع عليه بأن غلب ذلك على ظنه وكذا إن استويا كما بحثه جمع ( وجب الرفع ) ما دام مريدا للأخذ ( إلى قاض ) [ ص: 288 ] أو نحوه لتمكنه من الخلاص به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لأن فيه إرعابا له ) هذا موجود في غير من ائتمنه المالك أيضا نحو المستعير بل أولى ؛ لأنه ضامن بخلاف نحو الوديع فالوجه أنه كالوديع . ( قوله : وقد يجمع بحمل [ ص: 288 ] إلخ ) قد يجمع باحتمال أن نعيمان لم يبلغه النهي أو نسيه أو خصصه بالاجتهاد وقد ينافي ذلك عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم ذلك إلا أن يجاب بأن عدم إنكاره لعذر نعيمان لعدم بلوغ النهي أو غيره مما ذكر ، وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : شخص ) إلى قوله ومنه يؤخذ في النهاية إلا قوله كذا بنحو وقوله : عليه أو على غيره وكذا في المغني إلا قوله وكذا إلى أو ولاية وقوله : سواء إلى نعم .

                                                                                                                              ( قول المتن عينا ) أي : ولو باعتبار منفعتها كما يعلم مما ذكره الشارح بعد رشيدي . ( قوله : مستقلا به ) أي : بالأخذ بلا رفع لقاض وبلا علم من هي تحت يديه مغني . ( قوله : أو على غيره ) أي : وإن لم يكن له به علقة ع ش . ( قوله : سواء كانت يده ) أي : الآخر رشيدي . ( قوله : كوديع إلخ ) أي : وبائع اشترى منه عينا وبذل الثمن فليس له الأخذ بغير إذن مغني . ( قوله : يمتنع عليه ) أي : على المستحق ، وقوله : من غير علمه أي : علم الوديع ع ش . ( قوله : لأن فيه إرعابا له إلخ ) هذا موجود في غير من ائتمنه المالك أيضا نحو المستعير بل أولى ؛ لأنه ضامن بخلاف الوديع فالوجه أنه كالوديع سم ولك أن تمنع كون نحو المستعير غير مؤتمن للمالك . ( قوله : ومنه يؤخذ ) أي : من التعليل . ( قوله : يشكل عليه ) أي : على حديث الإصابة . ( قوله : فقال ) أي : نعيمان له أي : لسويبط . ( قوله : فذهب ) أي : نعيمان . ( قوله : وقد يجمع إلخ ) وقد يجمع باحتمال أن نعيمان لم يبلغه النهي أو نسيه أو خصصه بالاجتهاد وقد ينافي ذلك عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم ذلك إلا أن يجاب بأن عدم إنكاره لعذر نعيمان بعدم بلوغ النهي أو غيره مما ذكر ، وتأخير البيان لوقت الحاجة جائز سم . ( قوله : في القصة الأولى ) أي : قصة زيد بن ثابت . ( قوله : لا ترويع فيه كذلك ) أي : لا يحتمل غالبا . ( قوله : ورواية ابن ماجه إلخ ) استئناف بياني . ( قوله : قال في تكميله ) كذا في أصله بخطه والمشهور تكملته سيد عمر . ( قوله : وفي نحو الإجارة ) إلى قول المتن وإذا جاز الأخذ في النهاية إلا قوله ويظهر إلى وقياس إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي نحو الإجارة إلخ ) عبارة المغني : وأما المنفعة فالظاهر كما بحثه بعض المتأخرين أنها كالعين إن وردت على عين فله استيفاؤها منه بنفسه إن لم يخش ضررا وكالدين إن وردت على ذمة فإن قدر على تخليصها بأخذ شيء من ماله فله ذلك بشرطه ا هـ . ( قوله : من ماله ) أي : المؤجر رشيدي . ( قوله : وقياس ما يأتي إلخ ) عبارة النهاية والأوجه أخذا مما يأتي في شراء غير الجنس إلخ . ( قوله : أنه قيمة لتلك المنفعة ) أي : وقت أخذ ما ظفر به ع ش . ( قوله : أو يسأل إلخ ) بالنصب عطفا على الاقتصار رشيدي . ( قول المتن وجب الرفع ) والرفع تقريب الشيء فمعنى رفع الشيء إلى قاض قربه إليه مغني . ( قوله : ما دام مريدا إلخ ) عبارة المغني وليس المراد بالوجوب تكليف المدعي الرفع حتى يأثم بتركه بل المراد [ ص: 288 ] امتناع استقلاله بالأخذ في هذه الحالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو نحوه ) أي : مما له إلزام الحقوق كمحتسب وأمير لا سيما إن علم أن الحق لا يتخلص إلا عنده مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية