الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن نذر حجا أو عمرة لزمه فعله بنفسه ) إن كان صحيحا ويخرج عن نذره الحج بالإفراد والتمتع والقران كما في الروضة والمجموع ويجوز له كل من الثلاثة ولا دم [ ص: 90 ] من حيث النذر كما بينته مع البسط فيه في الفتاوى ( فإن كان معضوبا استناب ) ولو بمال كما في حجة الإسلام فيأتي في استنابته ونائبه ما ذكروه فيهما في الحج من التفصيل فلا يستنيب من على دون مرحلتين من مكة ، ولا عين من عليه حجة الإسلام أو نحوها ( ويستحب تعجيله في أول سني الإمكان ) مبادرة لبراءة الذمة فإن خشي نحو عضب أو تلف مال لزمته المبادرة ( فإن تمكن ) لتوفر شروط الوجوب السابقة فيه فيما يظهر ويحتمل أن المراد بالتمكن قدرته على الحج عادة وإن لم يلزمه كمشي قوي فوق مرحلتين ثم رأيت عبارة البحر صريحة في هذا الاحتمال ، وهي لو قال إن شفى الله مريضي فلله علي أن أحج فشفي وجب عليه الحج ولا يعتبر في وجوبه وجود الزاد والراحلة ، وهل يعتبر وجودهما في أدائه ظاهر المذهب أنه يعتبر وقيل لا يعتبران أيضا ؛ لأنه كان قادرا على استثناء ذلك في نذره انتهت ، فلم يجعل وجودهما شرطا في لزومه لذمته وإنما جعلهما شرط لمباشرته بنفسه أي : ؛ لأنه يحتاط له أكثر كما يعلم مما مر فيه ثم رأيت المجموع ذكر الاتفاق على أن الشروط معتبرة في الاستقرار والأداء معا وهو صريح فيما ذكرته أولا ، وأن كلام البحر مقالة ( فأخر فمات حج ) عنه ( من ماله ) لاستقراره عليه بتمكنه منه في حياته بخلاف ما إذا لم يتمكن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن نذر حجا أو عمرة لزمه إلخ ) قال في الروض وينعقد نذر الحج ممن لم يحج ويأتي به بعد الفرض قال في شرحه : ومحل انعقاد نذره ذلك أن ينوي غير الفرض فإن نوى الفرض لم ينعقد كما لو نذر الصلاة المكتوبة أو صوم رمضان وإن أطلق فكذلك إذ لا ينعقد نسك محتمل كذا قاله [ ص: 90 ] الماوردي والروياني . ( قوله : لتوفر شروط الوجوب السابقة فيه ) عبارة الروض فرع وإنما يستقر نذر الحجة المنذورة باجتماع شرائط الحج كحجة الإسلام انتهى قال في شرحه لو قال : باجتماع شرائط حجة الإسلام كان أولى وقوله : نذر لا فائدة له . ( قوله : ثم رأيت المجموع ذكر الاتفاق على أن الشروط معتبرة في الاستقرار والأداء معا وهو صريح فيما ذكرته أولا وإن كلام البحر مقالة ) يظهر أنه لا منافاة بين البحر والمجموع ؛ لأن حاصل كلام البحر أن الشروط غير معتبرة في اللزوم لكنها معتبرة في الأداء وسكت عن اعتبارها في الاستقرار ، وسكوته عن ذلك لا ينافي اعتبارها في اللزوم فكيف يكون كلام المجموع صريحا في أن كلام البحر مقالة ، ثم إن قول المتن في الاستقرار وحاصل كلام المجموع اعتبارها في الاستقرار والأداء وسكت عن اعتبارها وعدمه بالنسبة للزوم ، وسكوته عن ذلك لا ينافي عدم اعتبارها فإن تمكن إشارة إلى الاستقرار فاعتبار التمكن [ ص: 91 ] بتوفر الشروط حاصله اعتبارها في الاستقرار وكلام البحر حيث قال ولا يعتبر إلخ إنما هو في اللزوم دون الاستقرار ، فكيف يقال إن عبارته صريحة في الاحتمال الثاني ، وإنه لم يجعل وجود ما ذكر شرطا في اللزوم فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ومن نذر حجا أو عمرة إلخ ) قال في الروض : وينعقد نذر الحج ممن لم يحج ويأتي به بعد الفرض انتهى ا هـ سم . ( قوله : ويخرج عن نذره إلخ ) عبارة الروض مع شرحه .

                                                                                                                              فرع لو نذر حجا وعمرة مفردين فقرن أو تمتع فكمن [ ص: 90 ] نذر المشي فركب فيجزيه ويلزمه دم وقضيته أنه يأثم إن لم يكن له عذر وإن نذر القران أو التمتع وأفرد فهو أفضل من كل منهما فيأتي به ويلزمه دم القران أو التمتع ؛ لأنه التزمه بالنذر فلا يسقط صرح به المجموع وكلامهم يشعر بأنه لا دم عليه للعدول وهو ظاهر اكتفاء بالدم الملتزم مع كون الأفضل المأتي به من جنس المنذور وبهذا فارق لزومه بالعدول من المشي إلى الركوب ولو نذر القران فتمتع فهو أفضل ولو نذر التمتع فقرن أجزأه ولزمه دمان ا هـ بحذف .

                                                                                                                              ( قوله : من حيث النذر ) أي أما من حيث التمتع أو القران فيجب ع ش ورشيدي . ( قول المتن فإن كان معضوبا إلخ ) ولو نذر المعضوب الحج بنفسه لم ينعقد نذره أو أن يحج من ماله أو أطلق انعقد نهاية أي ويستنيب فيهما ع ش عبارة المغني وفي فتاوى البغوي لو نذر المعضوب الحج بنفسه لم ينعقد بخلاف ما لو نذر الصحيح الحج بماله فإنه ينعقد ؛ لأن المعضوب أيس من الحج بنفسه والصحيح لم ييأس من الحج بماله فإن برأ المعضوب لزمه الحج لأنه بان أنه غير مأيوس ا هـ . ( قوله : فلا يستنيب من دون مرحلتين ) فعل فمفعول وهذا متفرع على قوله في استنابته وقوله : ولا عين من عليه إلخ فعل فمفعول وهو متفرع على ونائبه . ( قول المتن ويستحب ) أي للناذر ا هـ مغني . ( قول المتن تعجيله ) أي الحج المنذور لا بقيد كونه من المعضوب ا هـ ع ش . ( قوله : مبادرة ) إلى المتن في المغني . ( قول المتن فإن تمكن ) أي من التعجيل ا هـ مغني . ( قوله : لتوفر شروط ) إلى قول المتن فإن منعه في النهاية إلا قوله ثم رأيت عبارة البحر إلى ثم رأيت المجموع وقوله : وإن كلام البحر مقالة . ( قوله : السابقة فيه ) أي في الناذر ويحتمل في باب الحج والجار على الأول متعلق بتوفر وعلى الثاني بالسابقة . ( قوله : فلم يجعل ) أي صاحب البحر . ( قوله : يحتاط له ) أي لوجوب المباشرة . ( قوله : وهو صريح فيما ذكرته أولا إلخ ) نظر فيه سم راجعه . ( قول المتن حج من ماله ) والعمرة في ذلك كالحج . ( تنبيه )

                                                                                                                              من نذر أن يحج عشر حجات مثلا ومات بعد سنة وقد تمكن من حجة فيها قضيت من ماله وحدها والمعضوب إذا نذر عشرا وكان بعيدا من مكة يستنيب في العشر المنذور إن تمكن كما في حجة الإسلام فقد يتمكن من الاستنابة فيها في سنة فيقضي العشر من ماله فإن لم يف ماله بها لم يستقر إلا ما قدر عليه مغني وروض مع شرحه




                                                                                                                              الخدمات العلمية