الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يقبل أعمى ) ومن يدرك الأشخاص ولا يميزها في مرئي لانسداد طريق التمييز عليه مع اشتباه الأصوات وإنما جاز له وطء زوجته اعتمادا على صوتها ؛ لأنه أخف ومن ثم نص الشافعي رضي الله عنه على حل وطئها اعتمادا على لمس علامة يعرفها فيها وإن لم يسمع صوتها وعلى أن لمن زفت له زوجته أن يعتمد قول امرأة هذه زوجتك ويطأها ، وظاهر كلامهم أن له الاعتماد على القرينة القوية أنها زوجته وإن لم يقل له أحد ذلك ( إلا أن تكون ) شهادته بنحو استفاضة [ ص: 259 ] أو ترجمة أو إسماع ولم يحتج لتعيين ؛ أو يضع يده على ذكر بفرج فيمسكهما حتى يشهد عليهما بذلك عند قاض ؛ لأن هذا أبلغ من الرؤية ، أو يكون جالسا بفراش لغيره فيغصبه آخر فيتعلق به حتى يشهد عليه أو ( يقر ) إنسان لمعروف الاسم والنسب ( في أذنه ) بنحو طلاق أو مال أولا في أذنه بأن كان يده بيده وهو بصير حال الإقرار ثم عمي ( فيتعلق به حتى يشهد عند قاض به على الصحيح ) لحصول العلم بأنه المشهود عليه وإن لم يكن في خلوة .

                                                                                                                              ( ولو حملها ) أي : الشهادة ( بصير ثم عمي شهد إن كان المشهود له و ) المشهود ( عليه معروفي الاسم والنسب ) فقال : أشهد أن فلان بن فلان فعل كذا أو أقر به ؛ لأنه في هذا كالبصير بخلاف ما إذا لم يعرف ذلك وبحث الأذرعي قبوله إذا شهد على زوجته في حال خلوته بها وكذا على بعضه إذا عرف خلوه به حينئذ للقطع بصدقه حينئذ ولا يخلو عن وقفة والفرق بينه وبين ما مر في قولنا نعم لو علمه ببيت إلى آخره ظاهر فإن البصير يعلم أنه ليس ثم من يشتبه به بخلاف الأعمى وإن اختلى به ( ومن سمع قول شخص أو رأى فعله فإن عرف عينه واسمه ونسبه ) أي : أباه وجده ( شهد عليه في حضوره إشارة ) إليه ولا يكفي مجرد ذكر الاسم والنسب ( و ) شهد عليه ( عند غيبته ) المجوزة للدعوى عليه وقد مرت ( وموته باسمه ونسبه ) معا لحصول التمييز بهما دون أحدهما أما لو لم يعرف اسم جده فيجزئه الاقتصار على ذكر اسمه واسم أبيه إن عرفه القاضي بذلك وإلا فلا كما جمع به في المطلب بين كلامهم الظاهر التنافي [ ص: 260 ] في ذلك بل يكفي لقب خاص كسلطان مصر فلان ولو بعد موته قال غيره : وبه يزول الإشكال في الشهادة على عتقاء السلطان والأمراء وغيرهم فإن الشهود لا يعرفون أنسابهم غالبا فيكفي ذكر أسمائهم مع ما يميزهم من أوصافهم وعليه العمل عند الحكام وارتضاه البلقيني وغيره قال شارح وقد اعتمدت شهادة من شهد على فلان المتوفى التاجر بدكان كذا في سوق كذا إلى وقت وفاته وعلم أنه لم يسكنه في ذلك الوقت غيره وحكمت بها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 259 ] قوله : أو يضع يده على ذكر بفرج ) هل هذا الوضع جائز لأجل الشهادة كجواز النظر لأجلها السابق أسفل الصفحة السابقة . ( قوله : فيمسكهما حتى يشهد عليهما ) ينبغي أن لا يتوقف صحة شهادته عليهما على استمرار الذكر في الفرج بل ينبغي أن يجب عليه السعي في النزع قطعا لهذه المعصية . ( قوله : ولا يكفي مجرد ذكر الاسم والنسب إلخ ) وفي الروض وشرحه أيضا فرع : ولو قال ادعى أن لي على فلان بن فلان الفلاني كذا فلا بد في صحة الدعوى أن يقول المدعي مع ذلك وهو هذا إن كان حاضرا ولا يكفي فيه ادعى علي فلان بن فلان كذا من غير ربط بالحاضر ا هـ وظاهره عدم الكفاية من غير ربط بالحاضر ولو مع القطع بعدم احتمال الالتباس وقد يتوقف فيه . ( قوله : أما لو لم يعرف إلخ ) هذا الصنيع يدل على أنه لو عرف اسم جده لم يجزه الاقتصار على ذكر اسمه واسم أبيه وإن عرفه القاضي وفيه نظر . ( قوله أيضا أما لو لم يعرف اسم جده إلخ ) مفهومه [ ص: 260 ] عدم إجزاء الاقتصار على اسمه واسم أبيه إذا عرف اسم جده وإن عرفه القاضي بدونه وفيه نظر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لأنه أخف ) لأنه لا يجوز بالظن ومبنى الشهادة على العلم ما أمكن أسنى . ( قوله : إلا أن تكون ) إلى قوله والفرق في المغني إلا قوله فعل كذا وقوله : وكذا إلى ولا يخلو . ( قوله : أن تكون شهادته إلخ ) عبارة المغني ونحوها في شرح المنهج وتقدم أنه يصح أن يكون الأعمى مترجما أو مسمعا وسيأتي أنه يصح أن يشهد بما يثبت بالتسامع إن لم يحتج إلى تعيين وإشارة بأن يكون الرجل مشهورا باسمه وصفته ا هـ . ( قوله : بنحو استفاضة إلخ ) لفظة نحو ليست في كلام غيره ولعله أدخل بها التواتر وإن كان معلوما من الاستفاضة بالأولى .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 259 ] أو ترجمة أو إسماع ) أي : لكلام الخصم أو الشهود للقاضي أو بالعكس مع شرحه وفي عطف ما ذكر على نحو استفاضة ما لا يخفى . ( قوله : أو يضع يده على ذكر إلخ ) هل هذا الوضع جائز لأجل الشهادة كجواز النظر لأجلها السابق سم . ( قوله : على ذكر بفرج إلخ ) عبارة المغني على ذكر داخل في فرج امرأة أو دبر صبي مثلا فأمسكهما ولزمهما حتى شهد عند الحاكم بما عرفه بمقتضى وضع اليد ا هـ . ( قوله : فيمسكهما ) أي : الشخصين كما هو ظاهر رشيدي . ( قوله : فيمسكهما إلخ ) ينبغي أن لا تتوقف صحة شهادته عليهما على استمرار الذكر في الفرج بل ينبغي أن يجب عليه السعي في النزع قطعا لهذه المعصية سم . ( قوله : فيغصبه آخر ) أي : أو يتلفه مغني . ( قوله : فيتعلق به ) أي : وبالفراش في تلك الحالة أسنى ومغني . ( قوله : حتى يشهد عليه ) أي : بما عرفه أو تضع العمياء يدها على قبل المرأة وخرج منها الولد وهي واضعة يدها على رأسه إلى تكمل خروجه وتعلقت بهما حتى شهدت بولادته مغني . ( قوله : بنحو طلاق ) قضية سياقه أنهلا يجوز الشهادة بالطلاق إلا للمعروفة بالاسم والنسب وظاهر أنه ليس كذلك رشيدي . ( قوله : أولا في أذنه ) أي : والصورة أن المقر مجهول كما يعلم مما يأتي رشيدي . ( قوله : وإن لم يكن ) أي : الإقرار .

                                                                                                                              ( قوله : أو أقر به ) أي : لفلان بن فلان مغني . ( قوله : بخلاف ما إذا لم يعرف ذلك ) نعم لو عمي ويدهما أو يد المشهود عليه في يده فشهد عليه في الأولى مطلقا مع تمييزه له من خصمه وفي الثانية لمعروف الاسم والنسب قبلت شهادته كما بحثه الزركشي في الأولى وصرح به أصل الروضة في الثانية مغني ومرت الثانية في الشارح آنفا . ( قوله : وبحث الأذرعي إلخ ) عبارة شرح الروض معه ولا يجوز أن يشهد على زوجته اعتمادا على صوتها كغيرها ا هـ زاد المغني خلافا لما بحثه الأذرعي من قبول شهادته اعتمادا على ذلك ا هـ . ( قوله : إذا عرف خلوه به ) قال الأذرعي ويعرف كونه خاليا به باعتراف المشهود عليه بخلوتهما في الوقت الذي نسب إليه الإقرار فيه رشيدي . ( قوله : حينئذ ) لا حاجة إليه . ( قوله : ولا يخلو عن وقفة ) معتمد ع ش . ( قول المتن ومن سمع قول شخص إلخ ) قال في الروض ولو سمع اثنين يشهدان أن فلانا وكل هذا بالبيع لكذا وأقر أي : الوكيل بالبيع شهد على إقراره بالبيع أي : لأنه سمعه ولا يشهد بالوكالة أي : لأنه لم يسمعها ا هـ وقال شارحه وله أن يشهد بشهادة الشاهدين بالوكالة كما يعلم مما يأتي ا هـ . ( قوله : أي : أباه ) إلى قوله كما قاله ابن أبي الدم في المغني إلا قوله المجوزة إلى المتن . ( قوله : ولا يكفي مجرد ذكر الاسم إلخ ) في الروض وشرحه . ( فرع ) لو قال : أدعي أن لي على فلان بن فلان الفلاني كذا فلا بد في صحة الدعوى أن يقول مع ذلك وهو هذا إن كان حاضرا ولا يكفي فيه أدعي أن لي على فلان بن فلان كذا من غير ربط بالحاضر ا هـ وظاهره عدم الكفاية من غير ربط بالحاضر ولو مع القطع بعدم احتمال الالتباس وقد يتوقف فيه سم أقول ويؤيد التوقف ما يأتي في المشهود عليه الغير الحاضر من أن المدار فيه على المعرفة ولو بمجرد لقب خاص به . ( قوله : المجوزة للدعوى إلخ ) أي : بأن كان فوق مسافة العدوى أو توارى أو تعزز عميرة وزيادي وعناني ا هـ بجيرمي . ( قوله : وقد مرت ) أي : في آخر باب القضاء على الغائب . ( قول المتن وموته ) أي : ودفنه مغني . ( قوله : أما لو لم يعرف إلخ ) مفهومه إجزاء الاقتصار على ذكر اسمه واسم أبيه إذا عرف اسم جده وإن عرفه القاضي [ ص: 260 ] بدونه وفيه نظر سم أقول : ويصرح بالنظر ما يأتي عن المغني آنفا ويسلم عن النظر قول المغني والروض مع شرحه ما نصه فإن عرف اسمه واسم أبيه دون جده شهد بذلك ولم تفد شهادته به إلا إن ذكر القاضي أمارات يتحقق بها نسبه بأن يتميز بها عن غيره فله أن يحكم بشهادته حينئذ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في ذلك ) أي : في إجزاء الاقتصار على اسمه واسم أبيه . ( قوله : بل يكفي إلخ ) عبارة المغني والحاصل أن المدار على المعرفة ولو بمجرد لقب خاص كالشهادة على السلطان بقوله أشهد على سلطان الديار المصرية أو الشامية فلان فإنه يكفي ولا يحتاج معه إلى شيء آخر ولو كان بعد موته ويدل لذلك قول الرافعي بعد اشتراطه ذكر اسمه واسم أبيه وجده وحليته وصنعته وإذا حصل الإعلام ببعض ما ذكرناه اكتفى به ا هـ قال ابن شهبة وبه يزول الإشكال إلخ قال أي : ابن شهبة وقد اعتمدت على شهادة من شهد على فلان التاجر المتوفى في وقت كذا الذي كان ساكنا في الحانوت الفلاني إلى وقت وفاته إلخ وقال البلقيني فالمدار على ذكر ما يعرف به كيف كان قال ومقتضى كلام الإمام أن الشهادة على مجرد الاسم قد تنفع عند الشهرة وعدم المشاركة ا هـ . ( قوله : مع ما يميزهم إلخ ) قيد في الشهادة على عتقاء السلطان رشيدي . ( قوله : ارتضاه البلقيني إلخ ) معتمد ع ش . ( قوله : لم يسكنه ) عبارة المغني لم يسكن في ذلك الحانوت ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية