الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ادعى وكيل الغائب ) أي : إلى مسافة يجوز القضاء فيها على الغائب كما هو ظاهر ، ثم رأيت بعضهم صرح به فقال فيما إذا ادعى وكيل غائب على غائب ، أو حاضر المراد بالغيبة فيهما فوق مسافة العدوى ، أو في غير ولاية الحاكم ، وإن قربت كما يأتي عن الماوردي ( على غائب ) ، أو صبي ، أو مجنون ، أو ميت ، وإن لم يرثه إلا بيت المال على الأوجه ( فلا تحليف ) ، بل يحكم بالبينة ؛ لأن الوكيل لا يتصور حلفه على استحقاقه ، ولا على أن موكله يستحقه ، ولو ، وقف الأمر إلى حضور الموكل لتعذر استيفاء الحقوق بالوكلاء ، وإفتاء ابن الصلاح فيمن ادعى على ميت ، وأقام بينة [ ص: 171 ] ثم ، وكل ، ثم غاب طالب وكيله ، ولا يتوقف على يمين الموكل مردود بأن التوكيل هنا إنما وقع لإسقاط اليمين بعد وجوبها فلم تسقط بخلافه فيما مر أما الغائب إلى محل قريب ، وهو بولاية القاضي فتلزمه اليمين فيتوقف الأمر إلى حضوره ، وحلفها ؛ لأنه لا مشقة عليه في الحضور حينئذ بخلاف ما لو بعد ، أو كان بغير ولاية الحاكم ، ولو ادعى قيم صبي ، أو مجنون دينا له على كامل فادعى وجود مسقط كأتلف أحدهما علي من جنس ما يدعيه بقدر دينه ، وكأبرأني مورثه ، أو قبضه مني قبل موته ، وكأقررت لكن على رسم القبالة على الأوجه لم يؤخر الاستيفاء لليمين المتوجهة على أحدهما بعد كماله لإقراره فلم يراع بخلاف من قامت عليه البينة في المسألة الآتية فادعاء تناقض بينهما ليس في محله ، وأيضا فاليمين هنا إنما توجهت في دعوى ثانية فلم يلتفت إليها بخلافها فيما يأتي ، أو على أحدهما ، أو غائب وقف الأمر إلى الكمال ، والحضور كما صرح به كلامهما ، وبه صرح القاضي ، وتبعوه كما اعترف به السبكي لتوقفه على اليمين المتعذرة ، ويفرق بين هذا ، وما مر في الوكيل بأنه يترتب على عدم الاستيفاء ثم مفسدة عامة ، وهي تعذر استيفاء الحقوق بالوكلاء بخلافه هنا لكن ينبغي أن يؤخذ كفيل ، وقال السبكي يحكم الآن بما قامت به البينة ، ويؤخذ منه ، وبسط ذلك ، وسبقه إليه ابن عبد السلام ، وتبعهما جمع متأخرون كالأذرعي والبلقيني والزركشي ، وهو قوي مدركا لا نقلا ؛ لأنه قد يترتب على الانتظار ضياع الحق لكن هذا يخف بأخذ الكفيل الذي ذكرته ، والمراد به أخذ القاضي من ماله تحت يده ما يفي بالمدعى ، أو ثمنه إن خشي تلفه ، وبه يقرب الأول ، ويحلف الولي يمين الاستظهار فيما باشره بناء على ما يأتي .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لم يؤخر الاستيفاء لليمين المتوجهة إلخ . ) أفهم وجوب اليمين بعد الكمال ( قوله : أو على أحدهما ، أو غائب إلخ . ) قال في الروض : ولو ادعى قيم طفل ، وأقام بينة انتظر بلوغ المدعى له ليحلف انتهى



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لغائب ) إلى قوله : كما هو ظاهر في النهاية ما يوافقه ( قوله : فيهما ) أي : الموكل ، والمدعى عليه ( قوله : فوق مسافة العدوى ) أي : الغيبة فوقها ( قوله : أو في غير ولاية الحاكم إلخ . ) عطفه سم على فوق إلخ . حيث جعله من مقول البعض كما مر ، والظاهر أنه معطوف على قوله : إلى مسافة إلخ . ( قوله : كما يأتي ) أي : في الفصل الثاني في شرح ، وقيل مسافة القصر ( قوله : أو صبي ) إلى قوله : قال الرافعي في النهاية : ( قوله : بل يحكم ) إلى قوله : ، وإفتاء ابن الصلاح في المغني ( قوله : ، بل يحكم بالبينة ) أي : ويعطي المال المدعى به إن كان للمدعى عليه هناك مال أسنى ، ومغني ، وهل يحلف الموكل بعد حضوره فيه نظر ، وقضية ما يأتي عن المغني وسم آنفا وجوبه بعده فليراجع ( قوله : لأن الوكيل لا يتصور إلخ . ) عبارة المغني ؛ لأن الوكيل لا يحلف يمين الاستظهار بحال ؛ لأن الشخص لا يستحق بيمين غيره . ا هـ . قال ع ش ما نصه يؤخذ من ذلك أن الناظر لو ادعى دينا للوقف على ميت ، وأقام بذلك بينة لم يحلف يمين الاستظهار ؛ لأنه لو حلف لأثبت حقا لغيره بيمينه ، ومحله أخذا مما يأتي في قوله : ويحلف الولي يمين الاستظهار فيما باشره إلخ .

                                                                                                                              أنه لو كانت دعواه أنه باع ، أو آجر - [ ص: 171 ] الميت شيئا من الوقف وجب تحليفه ، ومحله أيضا ما لو لم يدع الوارث علم الناظر ببراءة الميت ، فإن ادعاه حلف أخذا من قوله الآتي أيضا نعم له تحليف الوكيل إذا ادعى عليه بنحو إبراء إلخ . ا هـ . ( قوله : ثم ، وكل ) أي : في إتمام ما يتعلق بالخصومة . ا هـ . ع ش ( قوله : طالب وكيله ) عبارة النهاية فطلب وكيله الحكم أجابه . ا هـ . والأولى أن يقال بأنه يطالب وكيله الحكم ( قوله : ولا يتوقف ) أي : الحكم ( قوله : فيما مر ) أي : في المتن ( قوله : ولو ادعى قيم صبي ) إلى قوله : وبه صرح القاضي في المغني ، وقوله : دينا له أفرد الضمير لكون العطف بأو ( قوله : لم يؤخر الاستيفاء إلخ . ) بل يقضيه في الحال ، وإذا بلغ الصبي عاقلا أي : أو أفاق المجنون حلفه على نفي ما ادعاه . ا هـ . مغني ( قوله : المتوجهة على أحدهما إلخ . ) أفهم وجوب اليمين بعد الكمال . ا هـ . سم ( قوله : لإقراره ) أي : ولو ضمنا . ا هـ . رشيدي ( قوله : من قامت إلخ . ) أي : من أحدهما ، أو غائب ( قوله : في المسألة الآتية ) أي : عقب هذه ، والجامع بين المسألتين توجه اليمين على الطفل ، وإن كانت هنا لدفع ما ادعاه المدعى عليه من المسقط ، وفي المسألة الآتية للاستظهار . ا هـ . رشيدي ( قوله : فادعاء تناقض بينهما إلخ . ) عبارة المغني ، فإن قيل هذا يشكل على ما يأتي من أن مقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له أجيب بأن صورة المسألة هنا أن قيم الصبي ادعى دينا له على حاضر رشيد اعترف به ، ولكن ادعى وجود مسقط صدر من الصبي ، وهو إتلافه فلا يؤخر الاستيفاء لليمين المتوجهة على الصبي بعد بلوغه ، وما يأتي فيما إذا أقام قيم الطفل بينة ، وقلنا بوجوب التحليف فينظر ؛ لأن البينة على الطفل ، ومن في معناه من غائب ، ومجنون لا يعمل بها حتى يحلف مقيمها على المسقطات التي يتصور دعواها من الغائب ، ومن في معناه فلم تتم الحجة التي يعمل بها ، فإنه لا يعمل بالبينة وحدها ، بل لا بد من البينة ، واليمين . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بينهما ) أي : بين هذه المسألة ، والمسألة الآتية . ا هـ . ع ش ( قوله : أو على أحدهما إلخ . ) أي : ولو ادعى قيم صبي ، أو مجنون على صبي ، أو مجنون ، أو غائب رشيدي و ع ش ( قوله : والحضور ) الصواب إسقاطه إذ الكلام في المدعى له لا المدعى عليه ( قوله : وبه صرح إلخ . ) أي : بوقف الأمر ( قوله : كما اعترف به ) أي : بتصريح القاضي بالوقف ، ومتابعتهم له في ذلك ( قوله : لتوقفه إلخ . ) علة لقوله : وقف الأمر إلخ . ( قوله : وما مر إلخ . ) أي : من عدم الوقف ، والحكم بالبينة بلا تحليف في الوكيل أي : وكيل الغائب ( قوله : أن يؤخذ كفيل ) أي : من مال المدعى عليه ( قوله : وقال السبكي يحكم إلخ . ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه ، ولو ادعى قيم لموليه أي : الصبي ، أو المجنون على قيم شخص آخر فمقتضى كلام الشيخين أنه يجب انتظار كمال المدعى له ليحلف ، ثم يحكم له ، وإن خالفهما السبكي ، وقال الوجه : أنه يحكم إلخ . ( قوله : ويؤخذ منه ) أي : من مال المدعى عليه ( قوله : وتبعهما جمع متأخرون إلخ . ) وقال في شرح المنهج : وهو المعتمد ، ونقل محشيه الشهاب ابن قاسم متابعة العلامة الطبلاوي له في ذلك . ا هـ . سيد عمر ، وفي البجيرمي قوله : وهو المعتمد ضعيف . ا هـ . ( قوله : ؛ لأنه قد يترتب إلخ . ) علة لقوله : قوي مدركا ( قوله : لكن هذا يخف إلخ . ) أي : خوف ضياع الحق عبارة النهاية ، ويرد بأن الأمر يخف بالكفيل المار إذ المراد إلخ . ( قوله : والمراد به ) أي : بأخذ الكفيل ( قوله : من ماله ) أي : المدعى عليه تحت يده أي : القاضي ( قوله : بالمدعى ) أي : به . ا هـ . ع ش ، وهذا إذا كان المدعى به دينا ، وقوله : أو ثمنه إلخ فيما إذا كان عينا فقوله : السابق دينا مثال ليس بقيد ( قوله : وبه يقرب إلخ . ) أي : بأخذ الكفيل بالمعنى المذكور ( قوله : الأول ) أي : وقف الأمر إلى الكمال




                                                                                                                              الخدمات العلمية