الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              : ( ولو كانت ) العين ( بيده ) تصرفا أو إمساكا ( فأقام غيره بها ) أي : بملكها من غير زيادة ( بينة و ) أقام ( هو ) بها ( بينة ) بينت سبب ملكه أم لا أو قالت : كل اشتراها أو غصب بها من الآخر ( قدم ) من غير يمين ( صاحب اليد ) ويسمي الداخل وإن حكم بالأولى قبل قيام الثانية ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قضى بذلك كما رواه أبو داود وغيره ولترجح بينته ، وإن كانت شاهدا أو يمينا والأخرى شاهدين بيده ومن ثم لو شهدت بينة المدعي بأنه اشتراها منه أو من بائعه مثلا أو أن أحدهما غصبها قدم لبطلان اليد حينئذ ولا يكفي قولهما : يد الداخل غاصبة على ما ذكره جمع ويوجه بأنه مجرد إفتاء ، ولو قالت : غصبها منه ، والثانية اشتراها منه قدمت لبيانها النقل الصحيح ، وكذا لو قالت : يده بحق ، لأنها تعارض الغصب [ ص: 328 ] فيبقى أصل اليد هذا ما أفتى به ابن الصلاح في ميت عن دار ادعى ناظر بيت المال أنها له غصبها الميت وأقام به بينة ، والوارث أن يده بحق كمورثه إلى موته ، وأقام به بينة صدق ؛ لأن مع بينته زيادة علم ، وهو حصول الملك ا هـ . وفيه نظر ؛ لأن بينة الغصب معها زيادة علم فهي ناقلة وتلك مستصحبة على أن قولها بحق أمر محتمل وسيأتي

                                                                                                                              ومثله لا يقبل من الشاهد على ما مر بما فيه ، ولو أقام بينة بأن الداخل أقر له بالملك قدمت ولم تنفعه بينته بالملك إلا إن ذكرت انتقالا ممكنا من المقر له إليه وتقدم من قالت : اشتراه من زيد وهو يملكه على من قالت : وهو في يده أو وتسلمه منه وبحث أن ذات اليد أرجح من قائلة وتسلمه منه ومن انتزع شيئا بحجة صار ذا يد فيه بالنسبة لغير الأول فلو ادعى عليه آخر وأقام بينة مطلقة أعاد بينته ورجحت بيده ، ولو أجاب ذو اليد باشتريتها من زيد فأثبت المدعي إقرار زيد له بها قبل الشراء فأثبت المدعى عليه إقرار المدعي بها لزيد قبل الشراء ، وجهل التاريخ أقرب بيد المدعى عليه ؛ لأن يده لم يعارضها شيء ، ولو أقامت بنت واقف وقف محكوم به بينة بأنه ملكها إياه وأقبضه لها قبل وقفه لم يفدها شيئا لترجح الوقف باليد قبل وبحكم الحاكم وإنما يتجه هذا إن كان الترجيح من مجموع الأمرين أما إذا قلنا : أن حكم الحاكم غير مرجح فالذي يتجه تقديم بينتها ولا عبرة باليد ؛ لأن بينة التمليك نسختها وأبطلتها ولا يعارضه ما يأتي عن شيخنا قبيل ما لو مات عن ابنين مسلم ونصراني ؛ لأن بينتها هنا رفعت يد الواقف صريحا بخلافه فيما يأتي ، ولو ادعيا لقيطا بيد أحدهما وأقام كل بينة استويا ؛ لأنه لا يدخل تحت اليد

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فيبقى أصل اليد ) لم يذكر م ر ما بعده . ( قوله : وفيه نظر ؛ لأن بينة الغصب معها زيادة علم إلخ ) هذه المسألة قريبة مما يأتي عن بحث شيخه قبيل ولو شهدت لأحدهما بملكه من سنة مع أنه رجح فيما يأتي الشهادة بالملك لا بالغصب لكن فرق بأن الشاهدة بالملك هناك كاملة بخلاف الشاهدة بالغصب فإنها شاهد ويمين ، وأيضا تلك مصرحة بالملك وما هنا باليد فليتأمل . ( قوله : فالذي يتجه تقديم بينتها ) كتب عليه م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله من غير زيادة ) لعله احتراز عن نحو ما يأتي في قوله : ومن ثم لو شهدت بينة المدعي . إلخ وقول المتن ولو قال الخارج هو ملكي . إلخ ( قوله : بينت سبب ملكه أم لا ) عبارة المغني والأسنى اقتضى كلام المصنف أنه لا يشترط في سماع بينة صاحب اليد أن يبين سبب الملك من شراء أو إرث أو غيره كبينة الخارج . ا هـ . وعبارة الأنوار ولا فرق في ترجيح بينة الداخل بين أن يبين الداخل والخارج سبب الملك أو يطلقا ولا بين إسناد البينتين وإطلاقهما ولا إذا وقع التعارض بين أن يتفق السببان أو يختلفا ولا بين أن يسند إلى شخص بأن يقول كل منهما اشتريته من زيد أو تقول المرأة أصدقنيه زوجي ويقول خصمها اشتريته من زوجك أو إلى شخصين بأن يقول أحدهما اشتريته من زيد والآخر اشتريته من عمرو أو تقول المرأة أصدقنيه زوجي ويقول خصمها اشتريته من غيره . ا هـ . ( قوله : أو غصبها ) انظر صورته بالنسبة لبينة الداخل وكذا يقال في قوله الآتي : ولو قالت بينته غصبها منه والثانية اشتراها منه إلا أن يقال فيما يأتي إن المراد بالثانية بينة الداخل فتكون الأولى بينة الخارج وربما دل عليه ما عقبه به رشيدي ( قول المتن : صاحب اليد ) أي بينته مغني ( قوله : منه ) أي من ذي اليد ( قوله : أو أن أحدهما ) أي ذا اليد ونحو بائعه غصبها أي منه أي المدعي أخذا مما بعد وحذفه اكتفاء بما قبله ( قوله قدم ) أي المدعي ( قوله : قولهما ) أي شاهدي المدعي وكان الأولى إسقاط الميم ( قوله : يد الداخل غاصبة ) أي بدون منه ( قوله : ويوجه بأنه . إلخ ) فيه تأمل ( قوله : ولو قالت منه . إلخ ) أي لو قالت بينة الخارج يد الداخل غاصبة منه أي الخارج ( قوله : والثانية . إلخ ) أي ولو قالت بينة الداخل اشتراها أي الداخل منه أي الخارج ( قوله : وكذا لو قالت ) أي بينة الداخل .

                                                                                                                              [ ص: 328 ] قوله : فيبقى أصل اليد ) لم يذكر م ر ما بعده سم أي قول الشارح : هذا ما أفتى به إلى ولو أقام بينة . إلخ ( قوله : أنها له ) أي لبيت المال ( قوله : وفيه نظر ؛ لأن بينة الغصب . إلخ ) وقد يتوسط ويقال إن كانت البينة من أهل البصيرة والتمييز الذين يميزون العقد الصحيح المستوفي للمعتبر فيه شرعا من غيره وما يتوقف منها على حصول القبض وما لا يتوقف قدمت بينة الداخل ؛ لأن الظاهر من حالهم أنهم إنما قطعوا بكون اليد بحق لاطلاعهم على ناقل معين خفي على بينة الخارج وإن لم يكونوا كذلك فينبغي للقاضي البحث عن حقيقة الحال فليتأمل سيد عمر أقول يرد ما قاله ما يأتي في شرح : ومن أقر لغيره بشيء ثم ادعاه . إلخ ( قوله : وتلك ) أي بينة حقية اليد ( قوله : محتمل ) أي لنحو الاستعارة ( قوله : على ما مر . إلخ ) أي قبيل فصل في الشهادة على الشهادة ( قوله ولو أقام بينة إلى المتن ) في النهاية إلا قوله : ولا يعارضه إلى ولو ادعيا ( قوله : وتقدم من قالت اشتراه . إلخ )

                                                                                                                              أي وإن كانت هي بينة الخارج ومثله ما لو قالت بينته إنه اشتراها من زيد منذ سنتين وقالت بينة الداخل إنه اشتراها من زيد هذا منذ سنة فتقدم بينة الخارج ؛ لأنها أثبتت أن يد الداخل عادية بشرائها من زيد بعدما زال ملكه عنها كما سيأتي في شرح وأنه لو كان لصاحب متأخرة التاريخ يد قدمت والحاصل أن محل قولهم يقدم ذو اليد ما لم يعلم حدوث يده كما نبه عليه الشهاب ابن حجر فيما يأتي رشيدي ( قوله : وبحث أن ذات اليد ) عبارة النهاية نعم يتجه أن . إلخ ( قوله : أن ذات اليد . إلخ ) يعني أن من قالت اشتراه من زيد وهو في يده أرجح ممن قالت اشتراه من زيد وتسلمه منه ( قوله : لغير الأول ) أي غير المنتزع منه ( قوله : ولو أقامت بنت . إلخ ) أي أو غيرها حيث كانت العين في يده ع ش ( قوله : واقف وقف ) بالإضافة ( قوله : لم يفدها شيئا ) ضعيف ع ش ( قوله : لترجح الوقف باليد ) أي يد الواقف حين الوقف التي حكمها مستمر كما يعلم مما يأتي رشيدي ( قوله : وإنما يتجه هذا ) أي عدم إفادة ما ذكر رشيدي ( قوله : إن كان الترجيح من مجموع الأمرين ) أي بأن قلنا إن كلا من اليد وحكم الحاكم مرجح ع ش ( قوله : أما إذا قلنا إن حكم الحاكم غير مرجح . . إلخ ) قد يقال بل وإن قلنا إنه مرجح للعلة الآتية رشيدي ( قوله : فالذي يتجه تقديم بينتها ) معتمد ع ش ( قوله : ولا يعارضه ) أي تقديم بينتها بالتمليك ( قوله لأن بينتها ) أي البنت ( قوله : بخلافه ) أي الواقف ( قوله : ولو ادعيا لقيطا . إلخ ) عبارة المغني وما ذكره من تقديم صاحب اليد لا يخالفه ما ذكراه فيما إذا ادعيا . إلخ ( قوله : وأقام كل بينة ) أي أنه ملكه ع ش ( قوله : استويا ) أي لا يرجح صاحب اليد مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية