( باب الإحصار ) وهو لغة المنع واصطلاحا المنع عن إتمام أركان الحج أو العمرة أو هما فلو
nindex.php?page=treesubj&link=3792_3791_3789_3869_3901_3866منع من الرمي أو المبيت لم يجز له التحلل ؛ لأنه متمكن منه بالطواف والحلق ويقع حجه مجزئا عن حجة الإسلام ويجبر كل من الرمي والمبيت بدم ، ونزاع
ابن الرفعة فيه بما مر أن المبيت يسقط بأدنى عذر يرد بأن الدم هنا وقع تابعا ومشابها لوجوبه في أصل الإحصار فلم ينظروا إلى كونه ترك المبيت لعذر كما لم ينظروا لذلك في أصل دم الإحصار فإن قلت من الأعذار المسقطة ثم الخوف على المال ، والإحصار يحصل بالمنع إلا ببذل مال ، وإن قل فما الفرق ؟ .
[ ص: 201 ] قلت : الفرق أن ذات المبيت ثم لم يتعرض لها المخوف منه يمنع ؛ لأن الفرض أنه أحصرهم عن الحج لا غير بخلافه هنا أعني في منعه من المبيت فإن العدو متعرض للمنع منه مثلا إلا ببذل مال وهذا هو الذي توجد فيه المشابهة للإحصار دون الأول إذ لا تعرض من المخوف منه لمنع من نحو المبيت أصلا فتأمله ( والفوات ) أي للحج إذ العمرة لا تفوت إلا تبعا لحج القارن ( من
nindex.php?page=treesubj&link=3884_3868_3873_3871_27748_3875_3876_3867أحصر ) أي منع عن المضي في نسكه دون الرجوع أو معه وهم فرق مختلفة أو فرقة واحدة سواء كافر ومسلم ، وإن أمكنه قتاله أو بذل مال له ولم يجد طريقا آخر يمكنه سلوكه ( تحلل ) جوازا حاجا كان أو معتمرا أو قارنا لنزول قوله تعالى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118303حين أحصروا بالحديبية وهم حرم فنحر صلى الله عليه وسلم وحلق ، وأمرهم بذلك { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } } أي ، وأردتم التحلل إذ الإحصار بمجرده لا يوجب هديا .
والأولى للمعتمر وحاج اتسع زمن إحرامه الصبر إن رجا زوال الإحصار نعم إن غلب على ظنه انكشاف العدو ، وإمكان الحج أو قبل ثلاثة أيام في العمرة
[ ص: 202 ] امتنع تحلله لقلة المشقة حينئذ أما إذا أمكنه سلوك طريق آخر ولو بحرا غلبت فيه السلامة ووجدت شروط الاستطاعة فيه فيلزمه سلوكه ، وإن علم الفوات ويتحلل بعمل عمرة ، وأما إذا خشي فوات الحج لو صبر فالأولى التحلل لئلا يدخل في ورطة لزوم القضاء له واستعماله أحصر في منع العد وخلاف الأشهر إذ هو استعماله في نحو المرض وحصر في العدو كذا قيل ، ورد بالآية الموافقة لما هنا فالأشهر أن الإحصار المنع من المقصود بعدو أو نحو مرض والحصر التضييق وشمل كلامه
nindex.php?page=treesubj&link=3896_3902_3869_3871_3895_3894الحصر عن الوقوف دون البيت وعكسه لكن يلزمه في الأول أن يدخل
مكة ويتحلل بعمل عمرة وفي الثاني أن يقف ثم يتحلل أي ما لم يغلب على ظنه انكشاف العدو قبل ثلاثة أيام فيما يظهر أخذا مما تقرر في العمرة
[ ص: 203 ] ولا قضاء فيهما على تفصيل فيه وفي لزوم دم الإحصار ذكرته في شرح العباب عن المجموع وغيره واستنبط
البلقيني من
nindex.php?page=treesubj&link=3885_3884_3883_3867_3896الإحصار عن الطواف أن من حاضت أو نفست قبل الطواف ولم يمكنها الإقامة للطهر أنها تسافر فإذا وصلت لمحل يتعذر وصولها منه
لمكة لعدم نفقة أو نحو خوف تحللت بالنية والذبح والحلق ، وأيده بقول المجموع عن كثيرين من صد عن طريق ووجد طريقا أطول ولم يكن معه نفقة تكفيه جاز له التحلل وسبقه
البارزي إلى نحوه كما بسطت ذلك في الحاشية وقد ينظر في قوله لعدم نفقة بما يأتي أن نحو نفاد النفقة لا يجوز التحلل من غير شرط وما في المجموع لا يؤيده ؛ لأن الذي فيه محصر ؛ لأنه صد عن طريقه وتعذر عليه سلوك الطريق الأخرى فجاز له التحلل لبقاء إحصاره فتأمله .
( وقيل لا تتحلل الشرذمة ) القليلة التي اختص بها الحصر من بين الرفقة والأصح أن الحصر لخاص ولو لواحد
[ ص: 204 ] كأن حبس ظلما ولو بدين يعجز عنه كالعام ؛ لأن مشقة كل أحد لا تختلف بتحمل غيره مثلها وعدمه وفارق نحو المحبوس المريض بأن الحبس يمنعه إتمام نسكه حسا بخلاف المرض .
( بَابُ الْإِحْصَارِ ) وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا الْمَنْعُ عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ هُمَا فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3792_3791_3789_3869_3901_3866مُنِعَ مِنْ الرَّمْيِ أَوْ الْمَبِيتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ وَيَقَعُ حَجُّهُ مُجْزِئًا عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيُجْبَرُ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِدَمٍ ، وَنِزَاعُ
ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَبِيتَ يَسْقُطُ بِأَدْنَى عُذْرٍ يُرَدُّ بِأَنَّ الدَّمَ هُنَا وَقَعَ تَابِعًا وَمُشَابِهًا لِوُجُوبِهِ فِي أَصْلِ الْإِحْصَارِ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى كَوْنِهِ تَرَكَ الْمَبِيتَ لِعُذْرٍ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي أَصْلِ دَمِ الْإِحْصَارِ فَإِنْ قُلْت مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ ثَمَّ الْخَوْفُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْإِحْصَارُ يَحْصُلُ بِالْمَنْعِ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ ، وَإِنْ قَلَّ فَمَا الْفَرْقُ ؟ .
[ ص: 201 ] قُلْت : الْفَرْقُ أَنَّ ذَاتَ الْمَبِيتِ ثَمَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُخَوَّفُ مِنْهُ يَمْنَعُ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَحْصَرَهُمْ عَنْ الْحَجِّ لَا غَيْرُ بِخِلَافِهِ هُنَا أَعْنِي فِي مَنْعِهِ مِنْ الْمَبِيتِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ مُتَعَرِّضٌ لِلْمَنْعِ مِنْهُ مَثَلًا إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الْمُشَابَهَةُ لِلْإِحْصَارِ دُونَ الْأَوَّلِ إذْ لَا تَعَرُّضَ مِنْ الْمُخَوَّفِ مِنْهُ لِمَنْعٍ مِنْ نَحْوِ الْمَبِيتِ أَصْلًا فَتَأَمَّلْهُ ( وَالْفَوَاتِ ) أَيْ لِلْحَجِّ إذْ الْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ إلَّا تَبَعًا لِحَجِّ الْقَارِنِ ( مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3884_3868_3873_3871_27748_3875_3876_3867أُحْصِرَ ) أَيْ مُنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي نُسُكِهِ دُونَ الرُّجُوعِ أَوْ مَعَهُ وَهُمْ فِرَقٌ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَافِرٌ وَمُسْلِمٌ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ قِتَالُهُ أَوْ بَذْلُ مَالٍ لَهُ وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ يُمْكِنُهُ سُلُوكُهُ ( تَحَلَّلَ ) جَوَازًا حَاجًّا كَانَ أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ قَارِنًا لِنُزُولِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=hadith&LINKID=118303حِينَ أُحْصِرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهُمْ حُرُمٌ فَنَحَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَلَقَ ، وَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } } أَيْ ، وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ إذْ الْإِحْصَارُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ هَدْيًا .
وَالْأَوْلَى لِلْمُعْتَمِرِ وَحَاجٍّ اتَّسَعَ زَمَنُ إحْرَامِهِ الصَّبْرُ إنْ رَجَا زَوَالَ الْإِحْصَارِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ ، وَإِمْكَانُ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ فِي الْعُمْرَةِ
[ ص: 202 ] امْتَنَعَ تَحَلُّلُهُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ آخَرَ وَلَوْ بَحْرًا غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ وَيَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ ، وَأَمَّا إذَا خَشِيَ فَوَاتَ الْحَجِّ لَوْ صَبَرَ فَالْأَوْلَى التَّحَلُّلُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي وَرْطَةِ لُزُومِ الْقَضَاءِ لَهُ وَاسْتِعْمَالُهُ أُحْصِرَ فِي مَنْعِ الْعَدِّ وَخِلَافُ الْأَشْهَرِ إذْ هُوَ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ الْمَرَضِ وَحُصِرَ فِي الْعَدُوِّ كَذَا قِيلَ ، وَرَدَ بِالْآيَةِ الْمُوَافَقَةِ لِمَا هُنَا فَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْإِحْصَارَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَقْصُودِ بِعَدُوٍّ أَوْ نَحْوِ مَرَضٍ وَالْحَصْرُ التَّضْيِيقُ وَشَمَلَ كَلَامُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=3896_3902_3869_3871_3895_3894الْحَصْرَ عَنْ الْوُقُوفِ دُونَ الْبَيْتِ وَعَكْسَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَدْخُلَ
مَكَّةَ وَيَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَفِي الثَّانِي أَنْ يَقِفَ ثُمَّ يَتَحَلَّلُ أَيْ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ فِي الْعُمْرَةِ
[ ص: 203 ] وَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ وَفِي لُزُومِ دَمِ الْإِحْصَارِ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَنْبَطَ
الْبُلْقِينِيُّ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3885_3884_3883_3867_3896الْإِحْصَارِ عَنْ الطَّوَافِ أَنَّ مَنْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِقَامَةُ لِلطُّهْرِ أَنَّهَا تُسَافِرُ فَإِذَا وَصَلَتْ لِمَحَلٍّ يَتَعَذَّرُ وُصُولُهَا مِنْهُ
لِمَكَّةَ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ أَوْ نَحْوِ خَوْفٍ تَحَلَّلَتْ بِالنِّيَّةِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ ، وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِ الْمَجْمُوعُ عَنْ كَثِيرِينَ مَنْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ وَوَجَدَ طَرِيقًا أَطْوَلَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَفَقَةٌ تَكْفِيهِ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَسَبَقَهُ
الْبَارِزِيُّ إلَى نَحْوِهِ كَمَا بَسَطْت ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ نَفَقَةٍ بِمَا يَأْتِي أَنَّ نَحْوَ نَفَادِ النَّفَقَةِ لَا يُجَوِّزُ التَّحَلُّلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا يُؤَيِّدُهُ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ مَحْصِرٌ ؛ لِأَنَّهُ صُدَّ عَنْ طَرِيقِهِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى فَجَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ لِبَقَاءِ إحْصَارِهِ فَتَأَمَّلْهُ .
( وَقِيلَ لَا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ ) الْقَلِيلَةُ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا الْحَصْرُ مِنْ بَيْنَ الرُّفْقَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَصْرَ لِخَاصٍّ وَلَوْ لِوَاحِدٍ
[ ص: 204 ] كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا وَلَوْ بِدَيْنٍ يَعْجِزُ عَنْهُ كَالْعَامِ ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَخْتَلِفُ بِتَحَمُّلِ غَيْرِهِ مِثْلَهَا وَعَدَمِهِ وَفَارَقَ نَحْوُ الْمَحْبُوسِ الْمَرِيضَ بِأَنَّ الْحَبْسَ يَمْنَعُهُ إتْمَامَ نُسُكِهِ حِسًّا بِخِلَافِ الْمَرَضِ .