الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ) يجوز له أن يتبرع بشيء مطلقا فلا ( يتصدق ) ، ولو بشيء من قوته على الأوجه ، ولا يهب ، ولا ينفق على نفسه من مالها إلا إن تعذرت مراجعة السيد على الأوجه فيراجع الحاكم إن سهل بخلاف ما إذا شق فيما يظهر ، ولا يبيع نسيئة ، ولا بدون ثمن المثل ، ولا يسلم المبيع قبل قبض ثمنه ، ولا يسافر بمالها إلا بإذن [ ص: 489 ] نعم له الشراء نسيئة ، ولو قال له اتجر بجاهك جاز له البيع والشراء ، ولو في الذمة بالأجل والرهن والارتهان ثم ما فضل بيده مما ربحه كالذي دفعه له السيد قال الزركشي عن النص وشرط ذلك أن يحد له حدا كاشتر من دينار إلى مائة ا هـ . وفيه نظر ؛ لأنه لا ضرر عليه في الإطلاق المؤذن برضاه بما يحدث عن ذلك ، ولا يتمكن من عزل نفسه ؛ لأن المغلب في الإذن له الاستخدام لا التوكيل ، ولا من شراء من يعتق على سيده إلا بإذنه ويعتق حيث لا دين ، وكذا إن كان والسيد موسر كالمرهون ومن له مالكان مثلا تتوقف صحة تصرفه على إذنهما نعم إن كان بينهما مهايأة كفى إذن صاحب النوبة ( ولا يعامل سيده ) ، ولا مأذونا لسيده ببيع ، أو غيره ؛ لأن تصرفه له بخلاف المكاتب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا يتصدق بشيء ) نعم إن غلب على ظنه رضا السيد بذلك جاز ( قوله : ولا يبيع نسيئة ) قال في شرح العباب قال يعني الأذرعي ويحمل إطلاق المتولي البيع نسيئة ونقدا وإن دفع إليه مالا على ما إذا اقتضاه العرف ويخصص به إطلاق غيره كما هو ظاهر كلامه انتهى ، وفي حمله كلام المتولي على ما ذكره نظر ظاهر [ ص: 489 ] والأقرب أنه ضعيف وأن العادة لا نظر إليها هنا ثم رأيته في توسطه رد كلام المتولي وقيده على تقرير صحته بأنه يلزمه أن يشهد ويرتهن انتهى قال في شرح الروض ويؤخذ من كلام الجرجاني أنه يجوز له أن يبيع بالعرض كعامل القراض ( قوله نعم له الشراء نسيئة ) هل له الرهن حينئذ ( قوله : كفى إذن صاحب النوبة ) عبارة شرح الروض فيكفي إذنه في أن يتجر قدر نوبته انتهى وسأل بعض الطلبة عما لو أذنه أحدهما [ ص: 490 ] في تصرف والآخر في آخر هل يصح تصرفه لوجود إذنهما والجواب لا كما هو ظاهر ؛ إذ لم يوجد إذنهما في واحد من التصرفين فلا يصح واحد منهما



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولا يجوز له ) إلى قوله ، ولو قال له اتجر في المغني ( قوله : ولا يجوز له أن يتبرع ) قال الشيخ عميرة من التبرع إطعام من يخدمه ويعينه في الأسفار سم على منهج أقول قد يمنع أن هذا من التبرع حيث جرت العادة به وينزل علم السيد بذلك منزلة الإذن فيه ويكون ما يصرفه على من يخدمه كالأجرة التي يدفعها عند الاحتياج للاستئجار للحمل ونحوه سيما إذا علم بحسب العادة أنه حيث انتفى التبرع لما يعينه لم يفعل ا هـ ع ش ( قوله : أن يتبرع بشيء مطلقا ) أي : إذا لم يعلم رضا السيد ، وإلا فيجوز ع ش ا هـ بجيرمي ( قوله : فلا يتصدق إلخ ) نعم إذا غلب على ظنه رضا السيد بذلك جاز نهاية وسم قال ع ش أي : وخصوصا التافه الذي لا يعود منه نفع على السيد كلقمة فضلت عن حاجته وبقي ما لو قال له تبرع هل يجوز له التبرع بما شاء ، أو يتقيد ذلك بأقل متمول فيه نظر والأقرب الثاني للشك فيما زاد عليه فيمنع منه احتياطا لحق السيد فلو ظن رضاه بزيادة على ذلك جاز ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبشيء من قوته ) أي ، ولو كان قتر على نفسه ، فلو خالف وتبرع ضمن المتبرع عليه ذلك لسيده ، وإن كان المتبرع عليه جاهلا بكونه يضمن ، والقول قوله : في قدر ما يغرمه ا هـ ع ش ( قوله : ولا يهب ) ولا يعير نهاية ومغني ( قوله : على نفسه ) وانظر على أموال التجارة كالعبيد والبهائم ، والذي يتجه أنه ينفق عليها ؛ لأنه من توابع التجارة ا هـ شوبري ، وفي ع ش بعد أن نقل عن سم أنه ينبغي أن يكونوا أي : عبيد التجارة مثله ما نصه ونقل عن شيخنا الزيادي بهامش أنه ينفق عليهم ؛ لأنهم من جملة مال التجارة ، وفيه تنمية لها والأقرب ما قاله شيخنا الزيادي لما علل به ا هـ ( قوله : فيراجع الحاكم ) هل يكفي في ذلك مرة واحدة ، أو لا بد من تعدد المراجعة فيه نظر والأقرب الأول لما في الثاني من المشقة وينبغي فيما لو اختلفا في إنفاق اللائق وعدمه تصديق العبد في القدر اللائق به فليس للسيد مطالبة العبد بشيء ثم إذا أذن الحاكم فينبغي أن يقدر للعبد ما يليق به عادة ثم إن فضل مما قدره شيء وجب على العبد حفظه للسيد ، وإن احتاج إلى زيادة على ما قدره راجع فيها القاضي ا هـ ع ش ( قوله بخلاف ما إذا شق ) أي : عرفا ، ومنه غرامة شيء ، وإن قل فيشتري ما يمس حاجته إليه لا ما زاد عليه ا هـ ع ش ( قوله : ولا يبيع نسيئة ) قال في شرح الروض ويؤخذ من كلام الجرجاني أنه يجوز له أن يبيع بالعرض كعامل القراض انتهى ا هـ سم ( قوله : ولا بدون ثمن المثل ) ينبغي أن محله فيما لا يتغابن به كالوكيل ا هـ ع ش ( قوله : إلا بإذن ) لا يبعد أن يكون مثله العلم بالرضا أخذا مما ذكر صاحب النهاية في التصدق بالأولى ؛ لأن [ ص: 489 ] التصرفات المذكورة دون التبرع ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : نعم له الشراء إلخ ) هل له الرهن حينئذ سم على حج والظاهر أنه ليس له ذلك ؛ لأن العين المرهونة قد تتلف تحت يد المرتهن ا هـ ع ش ( قوله : ولو قال اتجر بجاهك ) أي : في ذمتك عباب ونهاية ومغني ( قوله : ولو في الذمة ) الواو للحال كما علم مما مر ، ولو أسقط لفظه ولو كما في العباب والمغني لكان أولى ( قوله : ما فضل بيده ) أي : بعد توفية الأثمان ا هـ ع ش ( قوله : كالذي دفعه له إلخ ) يعني حكم ما زاد في يده حكم ما دفعه إليه للتجارة في جواز تصرفه فيه ا هـ كردي عبارة الإيعاب فإن أذن له في التجارة ، ولم يعطه مالا فله أن يشتري في الذمة ويبيع فإذا ربح اتخذه رأس مال كالمال المدفوع فيمتنع بيعه نسيئة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وشرط ذلك ) أي : شرط الإذن في التجارة في الذمة من غير إعطاء مال ( قوله : بما حدث إلخ ) أي بدين يحدث عن التجارة في الذمة عبارة المغني ، ولا يحتاج الإذن في الشراء في الذمة إلى تقييد بقدر معلوم ؛ لأنه لا يثبت في ذمة السيد بخلاف الوكيل ا هـ ( قوله : ولا يتمكن ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله : من يعتق على سيده إلا بإذنه ) ينبغي على وزان ما تقدم عن النهاية ، أو علم رضاه ا هـ سيد عمر ( قوله : لأن المغلب إلخ ) ومن هذا يعلم أنه لا يرتد برده ا هـ ع ش وتقدم في الشرح في أول الباب التصريح بذلك ( قوله حيث لا دين ) أي : على العبد المأذون ا هـ ع ش عبارة المغني ، ولا يشتري من يعتق على سيده فإن أذن له صح الشراء وعتق إن لم يكن الرقيق مديونا ، وإلا ففيه التفصيل في إعتاق الراهن المرهون بين الموسر والمعسر كما جرى عليه ابن المقري تبعا للإسنوي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن كان ) أي : دين على القن ( قوله : والسيد إلخ ) أي : والحال أن السيد إلخ ( قوله : كفى إذن صاحب النوبة ) أي هنا لا في النكاح وعبارة شرح الروض فيكفي إذنه في أن يتجر قدر نوبته انتهى ، وسأل بعض الطلبة عما لو أذن أحدهما في تصرف والآخر في آخر هل يصح تصرفه لوجود إذنهما والجواب لا كما هو ظاهر ؛ إذ لم يوجد إذنهما في واحد من التصرفين فلا يصح واحد منهما سم على حج ، قوله : في أن يتجر قدر نوبته ، وكذا فيما يظهر لو أطلق فليحمل إطلاقه على نوبته وعلى كل منهما لا يحتاج إلى إذن جديد إذا عادت النوبة للآذن بل يتصرف عملا بمقتضى الإذن السابق في النوبة التي وقع فيها الإذن ، وفي غيرها وبقي ما لو أذن له صاحب النوبة زيادة على نوبته كأن كان له ثلاثة أيام فأذن له في ستة والأقرب أنه يصح في نوبته أي : التي وقع فيه الإذن ، ولو رد عليه بعيب ما باعه في نوبة أحدهما في نوبة الآخر يجب عليه قبوله من غير إذن صاحب النوبة ، وإن كان زمن قبوله يقابل بأجرة أم لا فيه نظر والأول أقرب ؛ لأن مثل ذلك يغتفر عادة فيما يقع بين الشريكين ا هـ ع ش ( قوله : ولا مأذونا ) إلى قول المتن ، ولا يصير في النهاية والمغني ( قوله : لأن تصرفه له ) مقتضاه أن السيد لو كان وكيلا عن غيره جازت معاملته ولعله غير مراد ؛ لأن السيد إذا كان وكيلا لا يبيع لنفسه فبيعه لعبده باطل ؛ لأنه كما لو باع لنفسه ، وكذا شراؤه منه ؛ لأنه لا يشتري لموكله من مال نفسه ا هـ ع ش ( قوله : بخلاف المكاتب ) أي : كتابة صحيحة ، أو فاسدة كما في التهذيب ، وهو ظاهر إطلاق الشارح م ر كشيخ الإسلام ا هـ ع ش ، وفي البجيرمي المراد بالكتابة الكتابة الصحيحة أما الفاسدة فلا يعامل سيده كما جزم به ابن المقري في روضه ، وهو المعتمد شوبري ، واعتمد ع ش التسوية بينهما ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية