الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( مبتدئا بالحجر الأسود ) أي ركنه ، وإن قلع منه وحول منه [ ص: 77 ] لغيره منه ( محاذيا ) بالمعجمة ( له ) أو لبعضه واستبعاد تصوره إنما يتأتى على أن المراد بالبدن عرض مقدمه لا على أنه الشق الأيسر ( في مروره ) عليه ابتداء ( بجميع بدنه ) أي شقه الأيسر بأن يجعله إليه وقد بقي من الحجر أو محله ما يسامته ويمشي أمام وجهه وتجب مقارنة النية حيث وجبت أو أراد فضلها لما تجب محاذاته منه والأفضل أن يقف بجانبه من جهة اليماني بحيث يصير منكبه الأيمن عند طرفه ثم يمر متوجها له حتى يجاوزه فينفتل جاعلا يساره محاذيا جزءا من الحجر بشقه الأيسر ، وإن أوهم قول المصنف إذا جاوزه انفتل خلاف ذلك كما نبه عليه الزركشي وغيره وبسطت الكلام عليه في شرح العباب [ ص: 78 ] ولا يجوز شيء من الطواف مع استقبال البيت إلا هذا في الأول لا غير وينبغي أن لا يفعله إلا مع الخلو لئلا يضر غيره .

                                                                                                                              ( تنبيه ) يظهر أن المراد بالشق الأيسر أعلاه المحاذي للصدر ، وهو المنكب فلو انحرف عنه بهذا أو حاذاه ما تحته من الشق الأيسر لم يكف ، وأفهم المتن أنه لو استقبل الحجر ابتداء ببعض شقه الأيسر وبعضه مجاور لجانب الباب لم يصح قبل عدو له عما بأصله للحالية [ ص: 79 ] يوهم أنهما ليسا بشرطين ، وأنهما قيدان في اشتراط جعل البيت عن اليسار فلا يجب في غير الابتداء . ا هـ . وإنما يتوهم ذلك إن جعل حالا من فاعل يجعل وليس كذلك بل هو حال من فاعل ستر وما بعده المبين فيه بقوله ولو أحدث إلى آخره أنه شرط في جميعه ومر في مسح الكف أن مثل هذه الحال لكونها من فعل المأمور يفيد الشرطية ( فلو بدأ بغير الحجر ) كالباب ( لم يحسب ) ما فعله لإخلاله بالترتيب حتى ينتهي للحجر ( فإذا انتهى إليه ) ، وهو مستحضر للنية حيث وجبت ( ابتداء منه ) وحسب له من حينئذ كما لو قدم متوضئ غير الوجه عليه حسب له ما تأخر عنه دون ما تقدم عليه .

                                                                                                                              ( ولو مشى على الشاذروان ) ، وهو عرض جدار البيت نقصه ابن الزبير رضي الله عنهما من عرض الأساس لما وصل أرض المطاف لمصلحة البناء ثم سنم بالرخام ؛ لأن أكثر العامة كان يطوف عليه ومن ثم صنف المحب الطبري في وجوب ذلك التسليم لطواف العامة ، وهو من الجهة الغربية واليمانية وكذا من جهة الباب كسر في الحاشية ففي موازاته الآتية بيان للواقع واستثناء ما عند الركن اليماني منه ؛ لأنه على القواعد يرد بأن كونه كذلك لا يمنع النقص من عرضه عند ارتفاع البناء وهذا هو المراد بالشاذروان في الجميع فهو عام في كلها حتى عند الحجر الأسود وعند اليماني ( أو مس الجدار ) الموصوف بكونه ( في موازاته ) أي الشاذروان أي مسامتته له أو دخل شيء من بدنه وكذا ملبوسه على أحد احتمالين لي فيه في هواء الشاذروان ، وإن لم يمس الجدار ثم رأيت بعضهم جزم بأنه لا يضر دخول ملبوسه في هوائه وفيه نظر .

                                                                                                                              وقياس إلحاقهم الطواف بالصلاة في أكثر أحكامها ، ومنها أن الملبوس كالبدن يرد ذلك الجزم ( أو دخل من إحدى فتحتي الحجر ) ، وهو بكسر أوله ما بين الركنين الشاميين عليه جدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة [ ص: 80 ] كان زريبة لغنم إسماعيل صلى الله عليه وسلم وروي أنه دفن فيه ويسمى حطيما لكن الأشهر أن الحطيم ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم ، وهو كما يأتي في اللعان أفضل محل بالمسجد بعد الكعبة و حجرها بكسر أوله ( وخرج من لأخرى ) أو وضع أنملته على طرف جدار الحج القصير كما يفعله كثير من العامة ( لم تصح طوفته ) أي بعضها الذي قارنه ذلك المس أو الدخول ؛ لأنه حينئذ طائف في البيت لا به المذكور في الآية وأما في الأولى فلأن هواء الشاذروان من البيت كما علم من تعريفه ، وأما في الحجر فهو ، وإن لم يكن فيه من البيت إلا ستة أذرع أو سبعة لكن الغالب على الحج التعبد ، وهو صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون ومن بعدهم لم يطوفوا إلا خارجه فوجب اتباعهم فيه وجعل في موازاته حالا من فاعل مس الذي سلكه شارح يستلزم بناء على أن له مفهوم المبني على أنه ليس في جهة الباب أن مسه لجدار لا شاذروان تحته يضر إذا كان مسامتا لجدار تحته شاذروان ، ولو قبل الوصول إليه وليس كذلك كما هو ظاهر وينبغي لمقبل الحجر أن يقر قدميه حتى يعتدل قائما ؛ لأنه حال التقبيل في هواء البيت بناء على الأصح إن ثم شاذروان فمتى زالت قدمه عن محلها قبل اعتداله كان قد قطع جزءا من البيت ، وهو في هوائه فلا يحسب له وكذا يقال في مستلم اليماني ( وفي مسألة المس ) للجدار الذي عنده شاذروان ( وجه ) أنه لا يضر ؛ لأنه خرج عن البيت بمعظم بدنه [ ص: 81 ] ويرد بأن المراد على الاتباع كما تقرر .

                                                                                                                              ( تنبيه ) الظاهر في وضع الحجر الموجود الآن أنه على الوضع القديم فتجب مراعاته ولا نظر لاحتمال زيادة أو نقص فيه نعم في كل من فتحتيه فجوة نحو ثلاثة أذرع بالحديد خارجة عن سمت ركن البيت بشاذروانه وداخله في سمت حائط الحجر فهل تغلب الأولى فيجوز الطواف فيها أو الثانية فلا كل محتمل ، والاحتياط الثاني ويتردد النظر في الرفرف الذي بحائط الحجر هل هو منه أو لا ثم رأيت ابن جماعة حرر عرض جدار الحجر بما لا يطابق الخارج الآن إلا بدخول ذلك الرفرف فلا يصح طواف من جعل إصبعه عليه ولا من مس جدار الحجر الذي تحت ذلك الرفرف وقد أطلق في المجموع وغيره وجوب الخروج عن جدار الحجر ، وهو يؤيد ذلك ورأيت تخالف ابن جماعة والأزرقي وغيرهما في أمور أخرى تتعلق بالحجر لا حاجة بنا الآن إلى تحريرها ؛ لأنه لا ارتباط لها بصحة الطواف بعد تمهيد وجوب الخروج عن كل الحجر وحائطه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فينفتل جاعلا إلخ ) ذكر في شرح العباب أن حقيقة الطواف إنما توجد عند هذا الانفتال عند محاذاة طرف الحجر ، وهو حينئذ قد حاذاه بيساره ثم قال في قولهم : إنه لا يجوز شيء من الطواف مع استقبال البيت إلا هذا وبما قدمته من أن الطواف حقيقة إنما هو من حين الانفتال يعلم أن هذا الاستثناء صوري . ا هـ . ولا يخفى أنه تكلف منابذ لعبارة المجموع والمناسك كما أشرنا إليه فيما يأتي فليحذر .

                                                                                                                              ( قوله : وإن أوهم قول المصنف إذا جاوزه إلخ ) أقول هذا الكلام لا ينبغي ، فإن قول المصنف المذكور كما لا يخفى صريح في خلاف ذلك ، وهو موافق في ذلك لغيره كالقاضي أبي الطيب والبندنيجي وابن الصلاح كما بسط ذلك ابن النقيب في مختصر الكفاية ثم نظر فيه بما يصرح بصراحة قول المصنف المذكور فيما ذكر كقول من ذكر أيضا حيث قال وفيه نظر ؛ لأنه في حال استقباله يقطع جزءا من البيت ، وهو عن يساره نعم إن كان الشرط أن يكون البيت عن يساره بعد مجاوزة الحجر لا عند محاذاته فلا إشكال وكلام أبي الطيب والبندنيجي السابق صريح فيه ولأجله قال النووي ولا يجوز استقبال البيت في شيء منه إلا في هذا الحال . ا هـ . فتأمل .

                                                                                                                              قوله وكلام أبي الطيب والبندنيجي صريح فيه ولأجله قال النووي إلخ تعلم بأنه مصرح بأن كلام النووي وكلامهما مصرح بجواز قطع جميع الحجر مع الاستقبال وأنه لا يجب [ ص: 78 ] محاذاة شيء منه بيساره بل يكفي أن يحاذي به أول ما يليه فكيف مع ذلك يسوغ التعبير بالإيهام والجزم بخلافه فالصواب اعتماد ما دلت عليه عبارة النووي كهؤلاء الأئمة وبالله التوفيق .

                                                                                                                              قال في شرح الروض قال في المجموع وصفة المحاذاة أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ولو فعل هذا من الأول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته الفضيلة قال في مناسكه وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البيت إلا ما ذكرناه من مروره في ابتداء الطواف على الحجر الأسود إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              فقوله فإذا جاوزه انفتل إلخ يدل على أن الانفتال بعد المجاوزة وأنه لا يجب عند الانفتال أن يحاذي يساره جزءا من الحجر بل يكفي محاذاته حينئذ لأول ما يجاوز الحجر من جهة الباب وقد فهم ابن الرفعة أن هذا مراده حيث نظر فيه بأن فيه تخلف جعل البيت عن يساره في بعض الطواف . ا هـ . وهذا لقوله في مناسكه وليس شيء من الطواف إلى آخر ما تقدم في عبارة شرح الروض وأما جوابه في شرح العباب عن نظر ابن الرفعة بأن حقيقة الطواف إنما توجد عند الانحراف عند محاذاة طرف الحجر ، وهو حينئذ قد حاذاه بيساره قال فاندفع ما قاله من التخلف . ا هـ . فهو لا يوافق ما ذكر عن المناسك المصرح كما لا يخفى بأن ما قبل الانحراف محسوب من الطواف والظاهر جدا في أن الانفتال بعد مجاوزة الحجر نعم قد يؤيد ما تقدم من قول المجموع ولو فعل هذا من الأول إلخ إذ لو كان المراد أن الانفتال بعد المجاوزة بحيث لا يصير اليسار محاذيا لشيء من الحجر لم يصح هذا إذ لا يصح ابتداؤه أو لا يجعل المجاوز الحجر فقط عن يساره إلا أن يجاب بأن المراد بقوله ، ولو فعل هذا إلخ أنه لو جعل البيت عن يساره أي بشرطه .

                                                                                                                              والحاصل أن مرادهم من ذلك أنه لو ترك الاستقبال واقتصر على جعل البيت عن يساره بشرطه فليست الإشارة إلى جميع ما في قوله ، فإن جاوزه انفتل إلخ ومما يصرح بأن مراده ذلك تعبير ابن النقيب عنه في مختصر الكفاية بقوله ولو جعله على يساره أولا وترك الاستقبال جاز . ا هـ .

                                                                                                                              وبالجملة فلا يخفى على منصف متأمل أن عبارة المجموع ظاهرة جدا إن لم تكن صريحة في أن الانفتال بعد المجاوزة وأن عبارة المناسك صريحة في أن ما قيل الانفتال محسوب من الطواف على وفق ما فهم ابن الرفعة عنه وأن قول المجموع ولو فعل هذا إلخ لا يدل دلالة معتدا بها على ما يعارض ذلك لاحتماله وقرب حمله على ما ذكرناه فليتأمل ثم لا يخفى عليك مخالفة ما في هذا الشارح لما تقرر عن شرح عب من أن أول [ ص: 79 ] الطواف إنما هو الانحراف دون ما قبله ، فإن قوله هنا ولا يجوز شيء من الطواف إلخ صريح في الاعتداد بما قبل الانحراف أيضا ( قوله : يوهم أنهما ليسا بشرطين إلخ ) أقول هذا الإيهام مدفوع بقوله فلو بدأ إلخ إذ هو صريح كما لا يخفى في شرطية البداءة بالحجر وقرينة على شرطية المحاذاة فتأمله ، فإنه في غاية الظهور .

                                                                                                                              ( قوله : بل هو حال إلخ ) أقول الإيهام المذكور جاز هنا أيضا بالنسبة للستر فلا يجب في غير الابتداء إلا أن يقال إرادة شرطية طهارة الحدث في جميعه بدليل فلو أحدث إلخ قرينة على أن ما قبله وما بعده كذلك ويرد عليه أن هذا لا يدفع إيهام أنهما ليسا بشرطين بل قيدان لاشتراط الستر والطهارة في جميعه فتأمله ويبقى الكلام في هذه الحالية مع هذا الفصل الكبير ( قوله : وكذا من جهة الباب إلخ ) ولو مس الجدار الذي في جهة الباب لم يضر ؛ لأنه لا يوازيه [ ص: 80 ] شاذروان كما قاله الشيخ ويلحق به كل جدار لا شاذروان به كذا في شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله : كان زريبة لغنم إسماعيل ) قد يشكل على أن بعضه من البيت ؛ لأن البيت مسجد ويمتنع إيواء الدواب فيه المستلزم لتنجسه إلا أن يقال لعل هذا الحكم فيه ثابت في شرع إسماعيل عليه الصلاة والسلام أو لعل الإيواء كان في بعضه ( قوله : إذا كان مسامتا لجدار تحته شاذروان ) قد يقال ينبغي أن يقول إن كان الماس مسامتا أي محاذيا الشاذروان ؛ لأن الهاء في موازاته للشاذروان فليتأمل .

                                                                                                                              فإذا أحسنت التأمل علمت أن ما أورده على هذا الشرح وارد على ما قدره هو أيضا فتأمله تعرفه ( قوله : بناء على الأصح ) أقول بل وبناء على مقابله أيضا ؛ لأن الحجر حصل فيه انبراء بحيث [ ص: 81 ] دخل في الجدار كما يدل على ذلك المشاهدة ( قوله : ولا من مس جدار الحجر إلخ ) أي ؛ لأن الجزء الماس حينئذ في هواء الحجر لا خارجه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي ركنه ) إلى قوله محاذيا جاء في النهاية والمغني إلا قوله واستبعاد إلى المتن ( قوله : محاذيا له أو لبعضه ) ولا بد أيضا من محاذاته شيئا من الحجر بعد الطوفة السابعة مما حاذاه أولا نهاية ومغني عبارة الونائي الثالث أن يحاذي في أول الطواف وآخره كل الحجر أو بعضه بأعلى شقه الأيسر المحاذي لصدره ، وهو المنكب فيجب في الابتداء أن لا يتقدم جزء منه على جزء من الحجر وفي الانتهاء أن يكون الجزء الذي حاذاه من الحجر آخرا هو الذي حاذاه أولا أو مقدما إلى جهة الباب ليحصل استيعاب البيت بالطواف وزيادة ذلك الجزء احتياط وهذه دقيقة يغفل عنها أكثر الطائفين فليتنبه لها سيما من ينوي أسبوعا ثانيا متصلا بالأول ، فإنه لا يعتد بنيته إلا بعد فراغ الأسبوع الأول بفراغه يكون قد مر بالحجر في بعض الصور أعني إذا ابتدأ بآخر جزء منه إذ لا يتم طوافه الأول إلا بمحاذاة ذلك الجزء كما تقرر فتقع النية في الأسبوع الثاني متأخرة عنه إلى جهة الباب وحينئذ فلا يعتد بها ولا بطوافه بعدها كذا في شرح العباب ا هـ قال باعشن قوله فتقع النية في الأسبوع الثاني إلخ أي ؛ لأن المحاذاة التي وقعت له في السابعة هي تتميم لأسبوعه الأول لا ابتداء لأسبوعه الثاني فلم يصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن قلع منه ) أي من [ ص: 77 ] ركن الحجر الأسود ( قوله : لغيره منه ) أي لغير ركن الحجر من البيت ( قوله : واستبعاد تصوره ) أي المحاذاة لبعض الحجر بجميع البدن ( قوله : بأن يجعله إلخ ) أي بأن لا يتقدم جزء من بدنه على جزء من الحجر أو محله نهاية ومغني ( قوله : حيث وجبت ) أي بأن لم يكن الطواف في ضمن النسك كطواف النذور والتطوع و ( قوله : أو أراد فضلها ) أي بأن كان في ضمن نسك كطواف ركن وقدوم وكذا الوداع بناء على أنه من المناسك ( قوله : والأفضل إلخ ) قال في المجموع وصفة المحاذاة أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ولو فعل هذا من الأول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته الفضيلة قال في مناسكه وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البيت إلا ما ذكرناه من مروره في ابتداء الطواف على الحجر الأسود وذلك مستحب في الطوفة الأولى لا غير ولم يذكره جماعة من أصحابنا ، وهو غير الاستقبال المستحب عند لقاء الحجر قبل أن يبدأ بالطواف ، فإن ذلك مستحب لا خلاف فيه وسنة مستقلة .

                                                                                                                              كذا في الأسنى ونحوه في المغني والنهاية وزاد فيه وما اقتضاه كلام المجموع من إجزاء الانفتال بعد مفارقة جميع الحجر هو المعتمد الموافق لكلام أبي الطيب والروياني وغيرهما ، وإن بحث الزركشي وابن الرفعة خلافه وأنه لا بد منه قبل مفارقة جميعه ؛ لأنهم توسعوا في ابتداء الطواف ما لم يتوسعوه في دوامه انتهى . وكذلك الفاضل المحشي بالغ في اعتماد ما اقتضته عبارة المجموع ورد مخالفة التحفة لظاهرها بتأويلها بأبلغ رد فليراجع بصري عبارة الونائي وسن قبل البدء بالطواف عند خلو المطاف استقبال الحجر ثم يتأخر جهة يساره بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ثم ينوي ندبا وقيل وجوبا كالنية قبل تكبيرة الإحرام ثم يمشي مستقبلا الحجر جهة يمينه إلى أن يحاذي منكبه الأيسر طرف الحجر الذي جهة الباب فينحرف على يساره فيجعل جميع يساره لطرف الحجر ثم ينوي وجوبا أو ندبا إن غفل عن النية الأولى ؛ لأن أول الطواف الواجب هو هذا الانحراف وما قبله مقدمته لا منه فلو فعل هذا الانحراف من الأول وترك استقباله بأن حاذى الطرف مما يلي الباب بمنكبه الأيسر ابتداء فاتته الفضيلة وقيل استقباله بالوجه عند ابتداء الطواف وانتهائه واجب فالاحتياط التام فعل ذلك بعد استقباله عند لقائه قبل ابتداء الطواف هذا ما تلخص من التحفة والفتح وشرح العباب .

                                                                                                                              وذكر في النهاية أن الانحراف يكون بعد مفارقة جميع الحجر ا هـ وقال ابن الجمال الراجح من حيث النقل ما قاله الرملي ومن حيث المدرك ما قاله حج وعلى كل حال فهو أي ما قاله حج أحوط لعدم الخلاف حينئذ في صحته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بشقه الأيسر ) الأولى تقديمه على جاعلا إلخ بل تركه بالكلية ( قوله : وإن أوهم قول المصنف ) أي في المجموع ( قوله : إذا جاوزه إلخ ) أقول هذا الكلام لا ينبغي ، فإن قول المصنف [ ص: 78 ] المذكور كما لا يخفى صريح في خلاف ذلك ، وهو موافق في ذلك لغيره كالقاضي أبي الطيب والبندنيجي وابن الصلاح وبالجملة فلا يخفى على مصنف متأمل أن عبارة المجموع ظاهرة جدا إن لم تكن صريحة في أن الانفتال بعد المجاوزة وأن عبارة المناسك صريحة في أن ما قبل الانفتال محسوب من الطواف على وفق ما فهم ابن الرفعة عنه سم بحذف .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يجوز شيء إلخ ) هذا صريح في الاعتداد بما قبل الانحراف فينافي ما ذكره في شرح العباب وغيره من أن أول الطواف إنما هو الانحراف دون ما قبله وأجاب عنه في شرح العباب بقوله وبما قدمته أن الطواف حقيقة إنما هو من حين الانفتال يعلم أن هذا الاستثناء ، وهو قوله إلا هذا صوري قال تلميذه العلامة ابن قاسم ولا يخفى أنه تكلف منابذ لعبارة المجموع والمناسك ونائي ( قوله : في الأول ) أي في أول الطواف ويغني ما قبله عنه ( قوله : فلو انحرف عنه إلخ ) هذا واضح لكن يتفرع على ذلك أيضا أنه لو حاذى بالأعلى وكان الأسفل إلى جهة الباب أجزأه ذلك ، وهو بعيد جدا بصري ( قوله : وأفهم المتن إلخ ) قال النهاية ولو حاذى ببعض بدنه وبعضه مجاوز إلى جانب الباب لم يعتد بطوفته ولو حاذى بجميع البدن بعض الحجر دون بعض أجزأه كما في الروضة فيهما عن العراقيين وفي المجموع في الثانية إن أمكن ذلك وظاهر كما أفاده الشارح أن المراد بمحاذاة الحجر في المسألتين استقباله وأن عدم الصحة في الأولى لعدم المرور بجميع البدن على الحجر فلا بد من استقباله المعتد به مما تقدم ، وهو أن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر المذكور ا هـ

                                                                                                                              ولا يخفى أن هذا يخالف ما في المنح مما نصه لو سامت الحجر بنصف بدنه ونصفه الآخر إلى جهة اليماني أو الباب صح ؛ لأنه إذا انفتل قبل مجاوزة الحجر إلى الباب فقد حاذى كل الحجر في الأولى وبعضه في الثانية بجميع شقه الأيسر ا هـ ولعل منشأ [ ص: 79 ] الخلاف أن ما قبل الانفتال محسوب من الطواف عند النهاية دون الشارح ( قوله : يوهم أنهما إلخ ) أقول هذا الإيهام مدفوع بقوله فلو بدأ إلخ إذ هو صريح كما لا يخفى في شرطية البداءة بالحجر وقرينة على شرطية المحاذاة سم ويرد عليه نظير ما أورده على التحفة في القولة الآتية من أن التوجيه بما ذكر لا يدفع الإيهام بصري ( قوله : إن جعل ) أي قوله مبتدئا بالحجر الأسود محاذيا إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : بل هو حال إلخ ) أقول الإيهام المذكور جار هنا أيضا بالنسبة للستر فلا يجب في غير الابتداء إلا أن يقال إرادة شرطية طهارة الحدث في جميعه بدليل فلو أحدث إلخ قرينة على أن ما قبله وما بعده كذلك ويرد عليه أن هذا لا يدفع إيهام أنهما ليسا بشرطين بل قيدان لاشتراط الستر والطهارة في جميعه فتأمل ويبقى الكلام في هذه الحالية مع هذا الفصل الكبير سم ( قوله : المبين فيه ) أي فيما بعد الستر ويحتمل أن الضمير راجع للمتن ( قوله : أنه إلخ ) أي ما بعد الستر ( قوله : لم يحسب ما فعله ) أي ولو سهوا نهاية وشرح بافضل ( قوله : وهو مستحضر ) إلى المتن في المغني ( قوله : وهو مستحضر للنية ) يعلم منه أنه لو لم يكن مستحضرا لها وجب تجديدها إن أوجبناها بأن كان في نذر أو تطوع كما مر آنفا كردي ( قوله : ما تأخر إلخ ) أي مع الوجه عبارة المغني ، فإنه يجعل الوجه أول وضوئه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو إلخ ) عبارة المغني والنهاية ، وهو بفتح الذال المعجمة الخارج عن عرض جدار البيت مرتفعا عن وجه الأرض قدر ثلثي ذراع تركته قريش لضيق النفقة ، وهو كما في المناسك وغيرها عن الأصحاب ظاهر في جوانب البيت لكن لا يظهر عند الحجر الأسود وكأنهم تركوا رفعه لتهوين الاستلام وقد حدث في هذه الأزمان عنده شاذروان ا هـ قال ع ش قوله م ر في جوانب البيت معتمد ظاهره أنه في جميع جوانب البيت وبذلك صرح ابن حجر وقوله م ر لكن لا يظهر إلخ أي وإلا فهو فيه لكنه غير ظاهر وقوله م ر عنده أي الحجر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم سنم إلخ ) أي سنمه الإمام الطبري وكان قبله مثل الدكة محمد صالح ( قوله : وكذا من جهة الباب ) قال النهاية ولو مس الجدار الذي في جهة الباب لم يضر ؛ لأنه لا يوازيه شاذروان كما قاله الشيخ ويلحق بذلك كل جدار لا شاذروان به ا هـ قال ع ش قوله ويلحق بذلك إلخ يتأمل هذا مع قوله فيما مر ، وهو ظاهر في جوانب البيت وعبارة ابن قاسم العبادي في شرح أبي شجاع وقول جمع منهم شيخ الإسلام ولو مس الجدار الذي في جهة الباب لم يضر ؛ لأنه لا يوازيه شاذروان ممنوع انتهت ا هـ عبارة الإمداد كذا قاله شيخنا ، وهو وهم بل الصواب أنه عام في الجهات الثلاث كما أوضحته في الحاشية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهذا إلخ ) أي النقص المذكور ( قوله : وكذا ملبوسه إلخ ) خلافا للشهاب الرملي والنهاية والمغني عبارة الونائي وكذا ثوبه المتحرك بحركته كما في شرحي الإرشاد ومختصر الإيضاح وشرحه وجزم النهاية أي والمغني بعدم الضرر ولا يضر دخول عود بيده ودابته وحامله ا هـ أي إذا كان الراكب والمحمول خارجا بجميع البدن وكذا بثوبه عند حجر ( قوله : ثم رأيت بعضهم إلخ ) ، وهو الشهاب الرملي وتبعه ولده الخطيب وغيرها باعشن وبصري قول المتن ( أو دخل إلخ ) أي أو خلف من الحجر قدر الذي من البيت ، وهو ستة أذرع و اقتحم الجدار وخرج من الجانب الآخر مغني ونهاية ( قوله : جدار قصير ) أي يزيد على القامة [ ص: 80 ] ع ش ولعله أراد بالقامة البدن المتوسط إلى الكتفين فقط ولو قال دون القامة لاستغنى عن التكلف ( قوله : كان زريبة إلخ ) استشكل المحشي سم كونه زريبة مع كون بعضه من البيت وأجاب باحتمال جواز ذلك في شرع إسماعيل عليه الصلاة والسلام أو أن إيواء الدواب في بعضه ولك أن تقول إنما يحتاج إلى ذلك إن ثبت كونه زريبة بعد بناء البيت وإلا فلا إشكال بصري وفيه نظر إذ أصل بناء البيت مقدم على بناء إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه ( قوله : وروي أنه دفن إلخ ) ( فائدة ) قال ابن أسباط بين الركن والمقام وزمزم قبور تسعة وتسعين نبيا وأن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة مغني ( قوله : وهو إلخ ) أي ما بين الحجر الأسود والمقام ( قوله : أو وضع أنملته إلخ ) عبارة الونائي فلو أدخل نحو يده في هواء جدار الحجر أو على أعلى جداره أو في هواء الشاذروان ، وإن لم يمس الجدار لم يصح من حينئذ لا ما مضى فليرجع لذلك الموضع فيطوف خارجا عن البيت وتحسب طوفته حينئذ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : القصير ) قد يقال ما فائدة التقييد به وقد يقال هو صفة للطرف لا للجدار ويكون المراد به الرفرف الآتي لكن يبعده الجزم هنا والتردد فيما يأتي فليتأمل بصري ( قوله : أو الدخول ) أي أو المشي أو الوضع ( قوله : المذكور إلخ ) أي بالبيت ( قوله : إلا ستة أذرع إلخ ) الصحيح أن الذي فيه من البيت قدر ستة أذرع تتصل بالبيت وقيل ستة أو سبعة نهاية ومغني ( قوله : وجعل إلخ ) محل تأمل بصري لعل وجه التأمل منع الاستلزام المذكور بل الذي يستلزمه الجعل المذكور إن مسه الجدار تحته شاذروان لا يضر إذا لم يكن حين المس مساويا له بل لجدار لا شاذروان تحته ويحتمل أن وجه التأمل ما يأتي عن سم آنفا ( قوله : بناء على أن له ) أي للشاذروان يعني أن هذا الاستلزام مبني على أن يكون للشاذروان مفهوم مخالف ، وهو غير الشاذروان ، وهو مبني على أن لا يكون الشاذروان في جهة الباب لا على ما سبق من الشارح فقوله المبني مجرور على أنه صفة لقوله أن له مفهوما وقوله إن مسه إلخ مفعول يستلزم وضمير إليه يرجع إلى جدار الشاذروان كردي وقوله أي للشاذروان الأولى أي لفي موازاته وقوله إلى الجدار ، الشاذروان أي جدار تحته شاذروان .

                                                                                                                              ( قوله : إذا كان مسامتا لجدار إلخ ) قد يقال ينبغي أن يقول إن كان الماس مسامتا أي محاذيا للشاذروان ؛ لأن الهاء في موازاته للشاذروان فليتأمل فإذا أحسنت التأمل علمت أن ما أورده على هذا الشرح وارد على ما قدره هو أيضا فتأمله تعرفه سم أقول لم يظهر لي وجه الورود على ما قدره الشارح فليحرر ( قوله : وينبغي ) إلى قوله وكذا إلخ في المغني إلا قوله بناء إلى فمتى ( قوله : لمقبل الحجر إلخ ) أي ومستلمه و ( قوله : أن يقر قدميه ) أي في محلهما من المطاف و ( قوله : حتى يعتدل إلخ ) أي ويخرج رأسه ونحوه من هواء الشاذروان ونائي ( قوله : بناء على الأصح إلخ ) أقول بل وبناء على مقابله أيضا ؛ لأن الحجر حصل فيه انبراء بحيث دخل في الجدار كما يدل على ذلك المشاهدة سم ( قوله : قبل اعتداله ) أي وقبل جعل البيت عن يساره باعشن .

                                                                                                                              ( قوله : كان قد قطع إلخ ) قد يقال الملازمة ممنوعة إذ يتصور تقديم القدم مع عدم مفارقة ما في هواء البيت لمحله كما تشهد به المشاهدة بصري أقول بل الذي تشهد به المشاهدة حصول القطع المذكور بالاعتدال بعد التقدم بخطوة عادية الذي هو مراد الشارح لا ما يشمل التقدم بنحو أصبوعين ( قوله : وهو في هوائه ) أي جزء منه كرأسه ونحوه في هواء الشاذروان ( قوله : فلا يحسب له ) أي فلا بد من عوده لذلك الموضع ولا يرد أنه خفي تجهله العامة فيغتفر لهم ؛ لأن الاغتفار إنما هو في المنهي عنه أما الواجب من ركن أو شرط فلا يغتفر لأحد باعشن ( قوله : الذي عنده إلخ ) بيان للواقع لا مفهوم له كما مر ( تنبيه ) إلى قوله وقد أطلق نقله ابن الجمال عنه ولم [ ص: 81 ] يتعقبه ونائي ( قوله : ويرد إلخ ) فيه أن الاستدلال بالاتباع إنما سبق منه في مسألة الدخول لا في مسألة المس ( قوله : فجوة ) أي فرجة و ( قوله : هل تغلب الأولى ) ، وهي خارجة و ( قوله : أو الثانية ) وهي داخلة كردي .

                                                                                                                              ( قوله : في الرفرف إلخ ) ، وهو ثلاثة أصابع في بناء الحجر من أعلاه محمد صالح الرئيس ( قوله : ولا من مس إلخ ) أي ؛ لأن الجزء الماس حينئذ في هواء الجدار لا خارجه سم ولا يخفى أن قول الشارح من مس جدار الحجر إلخ شامل لمس أسفله المتصل بالمطاف بطرف الرجل




                                                                                                                              الخدمات العلمية