الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا زوج أمته رجلا غيره منها وزعم أنها حرة ، فاستحقها رجل وقد ولدت من الزوج ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يأخذ السيد ويأخذ قيمة الولد من أبي الولد ، ويرجع الزوج على الذي غره بالصداق الذي دفعه إليها .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يرجع الزوج على الذي غره منها بقيمة الولد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلم جعلته يرجع بالصداق ولا يرجع بقيمة الولد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه غره منها ، فلذلك يرجع بالصداق . ولو كانت هي التي غرته لم يرجع الزوج عليها بقليل ولا بكثير ، إلا أن يكون ما أعطاها أكثر من صداق مثلها فيرجع عليها بالفضل .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن رجع بالصداق على الذي غره ، أيترك له قدر ما استحل به فرجها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : تحفظه عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما قال لنا مالك : يرجع بالصداق على الذي غره ، ولم يقل لنا مالك : يترك له شيئا . وأصل قول مالك : إنما يرجع بالصداق على الذي غره ; لأنه كأنه باعه بضعها ، فاستحق من يده البضع ، فيرجع بالثمن الذي دفعه في البضع وهو الصداق ، ولا يرجع بقيمة الولد ; لأنه لم يبعه الولد ، فهذا أصل قولهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اشتريت عبدا فأعتقته ، أو أمة في سوق المسلمين فاتخذتها أم ولد ، فأتى رجل فاستحق رقابهما ، أيرد البيع ويفسخ عتق العبد وتصير الأمة أم ولد لهذا الرجل ، أو أمة لهذا المستحق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : أما في العبد فيفسخ عتقه ويرد رقيقا ، وأما الجارية فإنها ترد ما لم تحمل ، فإذا حملت كان على سيدها الذي حملت منه قيمتها للذي استحقها .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقد قال لي قبل ذلك : يأخذها ويأخذ قيمة ولدها من الأب قيمتهم يوم يحكم فيهم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وهذا أحب قوليه إلي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية