الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 163 ] فيمن ارتهن زرعا لم يبد صلاحه أو نخلا ببئرهما فانهارت البئر قلت : أرأيت لو ارتهنت زرعا لم يبد صلاحه ببئره ، أو نخلا في أرض ببئرها فانهارت البئر ، وقال الراهن : لا أنفق على البئر . فأراد المرتهن أن ينفق ويصلح رهنه ويرجع عليه بما أنفق على الراهن ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس له أن يرجع على الراهن بشيء ؟ ولكن يكون ما أنفق في الزرع وفي رقاب النخل ، إن كان إنما أنفق عليها خوفا من أن يهلك ويستوفي ما أنفق ويستوفي دينه ، ويبدأ بمان أنفق قبل دينه ، ثم يأخذ دينه بعد ذلك ، فإن بقي شيء كان لربه ; لأن مالكا قال في الرجل يستكري الأرض يزرع فيها فتتهور بئرها أو تنقطع عينها أو يساقي الرجل الرجل فتتهور البئر أو تنقطع العين .

                                                                                                                                                                                      قال : إن أحب المساقي أو المستكري أن ينفق على العين ، أو البئر حتى تتم الثمرة فيبيعها ويستوفي ما أنفق من حصة صاحب النخل في المساقاة ، ويقاص المستكري من كراء تلك السنة التي تكاراها بما أنفق ، وإن تكاراها سنين فليس له أن ينفق الإكراء سنة واحدة يقاصه بكراء سنة ، فإن فضل مما أنفق لم يبلغه كراء السنة ، أو حصة صاحبه في المساقاة ; لم يكن له أن يتبعه بأكثر من ذلك . فأرى في مسألتك إذا خاف هلاك الزرع أو النخل فأنفق ، رأيت ذلك له ويبدأ بما أنفق . فإن فضل فضل كان في الدين بمنزلة الزرع الذي يرهنه الرجل ، فيخاف الهلاك فيعرض الراهن على المرتهن أن ينفق فيه فيأبى ، فيأخذ مالا من رجل آخر فينفقه فيه ، فيكون الآخر أحق بهذا الزرع حتى يستوفي حقه من المرتهن الأول ، فإن فضل فضل كان للمرتهن الأول .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن لم يخرج الزرع إلا تمام دين الآخر أين يكون دين المرتهن الأول ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يرجع الأول بجميع دينه على الراهن قلت : أرأيت الثمرة ، أتكون رهنا مع النخل إذا كانت في النخل يوم يرتهنها ، أو أثمرت بعد ما ارتهنها في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا تكون رهنا وإن كانت في النخل يوم ارتهنها ، أو أثمرت بعد ما ارتهنها - بلحا كانت أو غير بلح - ولا ما يأتي بعد من الثمرة إلا أن يشترطه المرتهن . قال : وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية