الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أنى اشتريت نخلا لها شفيع ، أو شقصا من أرض أو شقصا من دار ، فأتى الشفيع فاكترى الأرض مني أو عاملني في النخل أو اكترى الدار مني أو ساومني بجميع ذلك ليبتاعه منى ، ثم طلب بعد ذلك الشفعة ، أتكون له الشفعة في قول مالك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : الشفيع على الشفعة حتى يترك أو يأتي من طول الزمان ما يعلم أنه تارك للشفعة .

                                                                                                                                                                                      قال فقلت لمالك : فالستة الأشهر والتسعة الأشهر والسنة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما ما هو دون السنة فلم يشك فيه أن له أن يأخذ بالشفعة . وقال مالك : السنة ما هو عندي بالكثير .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : فأرى ما سألت عنه من قولك أنه اكترى منه أو ساقاه أو ساومه بذلك ليشتريه ، فهذا تسليم منه لشفعته ولا أرى له فيها شفعة . قلت : أرأيت إن اشتريت نخلا لأقلعها ، ثم أشتري الأرض بعد ذلك فأقررت النخل فيها ، ثم أتى رجل فاستحق نصفها وأراد أخذ ما بقي بالشفعة ، فقلت له إنما اشتريت النخل لأقلعها ، ثم اشتريت الأرض فتركتها . فأما إذا صرت تأخذ بالشفعة فخذ الأرض ، فأما النخل فإني أقلعها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يستطيع أن يقلع النخل ; لأن المستحق قد صار شريكا له في جميع النخل ، فإن رضي الشفيع أن يأخذ بالشفعة أخذ جميع الأرض والنخل ، وإن أبي أن يأخذ إلا حصته التي استحق ، كان المشتري مخيرا ، إن أحب أن يأخذ نصف الأرض ونصف النخل فذلك له ، وإن أحب أن يرد رد . إذا أخذ الشفيع شفعته في نصف الأرض ونصف النخل ، أخذه بما يقع عليه من الثمن الأول الذي اشتراه به المشتري .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية