الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن دارا في يد رجل غائب ، أتى رجل فادعى أنه وارث هذه الدار مع الغائب ، أيقبل القاضي منه البينة والذي كانت الدار في يديه غائب أم لا ؟ قال : لا أحفظه عن مالك ، إلا أني سمعت من يذكر هذا عنه أن الدور لا يقضى على أهلها فيها وهم غيب وهو رأيي .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : إلا أن تكون غيبته تطول ، فينظر في ذلك السلطان مثل من يغيب إلى الأندلس أو طنجة فيقسم في ذلك الزمان الطويل ، فأرى أن ينظر في ذلك السلطان ويقضي به .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أقام الورثة البينة أنهم ورثوا هذه الدار عن أبيهم ، وأن ذلك الغائب الذي هذه الدار في يديه لا حق له فيها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك في هذا إلا ما أخبرتك أنه بلغني . فأرى أنه إن كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس ويقدمون ، كتب الوالي إلى ذلك الموضع بذلك أن يستخلف أو يقدم فيخاصمهم . وإن كانت الغيبة بعيدة يعلم أن الذين طلبوا لا يقدرون على الذهاب إلى ذلك الغائب الذي في يديه الدار ولا يوصل إليه لبعد البلاد ، رأيت أن يقضي لهم بحقوقهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يقيم القاضي وكيلا لهذا الغائب يقوم له بحجته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أحفظ في هذا شيئا ولا أعرف من قول مالك أنه يستخلف للغائب ، ولكنه يقضي عليه ولا يستخلف له خليفة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك إن كان الذي في يديه الدار صبيا صغيرا ، فادعى رجل أن هذه الدار داره وأقام البينة ، هل يستخلف القاضي لهذا الصبي خليفة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما علمت أن مالكا ولا أحدا من أهل المدينة ولا رأيته في شيء من مسائل مالك أنه يستخلف له القاضي خليفة ولا أرى ذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية