الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      فيمن دفع إلى رجل مالا قراضا أو وديعة ببينة أو بغير بينة قلت : أرأيت ما ذكرت عن مالك أنه قال : إذا دفع إليه المال وديعة أو قراضا ببينة ، فقال الذي أخذ المال بعد ذلك : قد رددته أنه لا يبرأ بقوله إني قد رددته إلا أن يكون له بينة .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم قال مالك ذلك أليس أصل أخذه هذا المال أمانة ؟ فلم لا يبرأ بقوله إني قد رددته ، وقد قلت : قد قال مالك : إذا قال قد ضاع مني : أنه يصدق وإن كانت عليه بينة ، فلم لا يصدق إذا قال : قد رددته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه حين دفع إليه المال قد استوثق منه الدافع ، فلا يبرأ حتى يتوثق هو أيضا إذا دفع ، وإن كان أصل المال أمانة فإنه لا يبرأ إلا بالوثيقة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلم قال مالك : إذا بعث بالمال معه ليدفعه إلى رجل ، فقال : قد دفعته إلى من أمرتني . أنه لا يصدق إلا ببينة أنه قد دفعه ، وإن كان رب المال حين بعث بالمال معه دفعه إلى الرسول ببينة أو بغير بينة ، فهو سواء لا يبرأ الرسول حتى يدفع المال إلى المبعوث إليه ببينة ، لم قال مالك هذا ؟ أوليس هذا المبعوث معه بالمال أمينا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : ليس له أن يتلف ماله إلا ببينة تقوم له أنه قد دفعه ، ألا ترى أن المبعوث إليه بالمال إن كان ذلك المال دينا له على الذي أرسله إليه أن هذا الرسول إن لم يشهد عليه بدفعه إليه فقد أتلفه ، وكذلك لو كان أرسل إليه بهذا المال ليشتري له به سلعة ، فأعطاه الرسول المال من غير أن يشهد فقد أتلفه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال المقارض أو المستودع : قد بعثت إليك بالمال مع رسولي أيضمن أم لا في قول مالك قال : نعم ، يضمن إلا أن يكون رب المال أمره بذلك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية