قلت : أرأيت المشهود عليه إذا زكيت البينة الذين شهدوا عليه عند القاضي ، أيقول القاضي للمشهود عليه إنهم قد شهدوا ، وقد زكوا ، فعندك ما تدفع به شهادتهم عنك ؟  قال : لم أسمع من  مالك  فيه شيئا إلا أن  مالكا  قال : ينبغي للإمام أن يسأل عن الشهود في السر . 
قال ابن القاسم    : وأرى إن كان الذي شهدت عليه الشهود ، يعرف وجه التجريح ولا يجهل ذلك ، لم أر على الإمام أن يقول جرح إن شئت . وإن كان يجهل ذلك وهو ممن لا يعرف أن له أن يجرحهم ، مثل المرأة الضعيفة أو الرجل الجاهل ، رأيت له أن يقول له القاضي ذلك ويخبره أن له أن يجرحهم ويدفع شهادتهم عن نفسه ، لعل عنده ما يدفع به عن نفسه من العداوة بينه وبينهم ، أو شركة مما لا يعلمه المعدلون . وذلك أني سألت  مالكا  عن الرجل يدعي على الرجل حقا وقد كانت بينه وبينه مخالطة ، فيقال للمدعى عليه : احلف وابرأ فينكل عن اليمين ، أترى أن يقضي عليه بالحق أم يقول  [ ص: 541 ] الإمام للمدعي : احلف واستحق . والمدعى عليه لم يطلب يمين المدعي ؟  قال  مالك    : فأرى للإمام أن لا يقضي بالحق على المدعى عليه حتى يقول للمدعي : احلف أن الحق حقك ، فإن حلف وإلا لم يقض له بشيء . 
قال  مالك    : وذلك لأن الناس ليس كلهم يعرف أن اليمين ترده على المدعي ، فلا ينبغي للإمام أن يقضي على المدعى عليه إذا نكل عن اليمين حتى يستحلف المدعي ، فكذلك مسألتك في التجريح إن كان ممن يجهل ذلك ، رأيت أن يعلمه الإمام الذي له في ذلك قبل أن يقضي عليه . 
قال  مالك    : وإذا أراد القاضي أن يقضي على رجل يقضيه ، فوجه ذلك أن يقول القاضي للمقضي عليه : أبقيت لك حجة ؟ فإن قال : لا ، قضى عليه . فإن جاء بعدما قضى عليه يطلب بعض ذلك ، لم يقبل القاضي ذلك منه ، إلا أن يأتي بأمر يستدل به على ما قال ، مثل أن يكون لم يعلم ببينته هي له أو ما أشبه ذلك وإلا لم يقبل منه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					